الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني
06 - رمضان - 1428 هـ
18 - 09 - 2007 مـ
12:54 صباحًا
(بحسب التّقويم الرّسميّ لأمّ القُرى)
____________
تَلقِّي المهديّ البيان الحقّ للقرآنِ الكريمِ كمثلِ تَلقِّي يوسف عليه السّلام بِوَحْيِ التّفهيم ..
فإنْ تَوَلّوا فقُل: حَسْبي الله لا إله إلّا هو عليه توَكّلتُ وهو ربّ العرشِ العظيم..
بِسْمِ الله الرّحمن الرّحيم وبه أستَعينُ ومنه التّفهيمُ للبيانِ الحقّ للقرآنِ العظيمِ بالسُّلطانِ مِن نفسِ القرآنِ وليس وَسْوَسَة شيطانٍ رجيمٍ، ثمّ أمّا بعد..
يا مَعشرَ علماء المسلمين وشعوبهم؛ هل تَنتَظِرونَ المهديّ المنتظَر يَظهرُ لكم عند الرُّكنِ اليماني مِن قبلِ أن يَدعُوَكُم إلى الحِوارِ؟ حتى إذا صدَّقتُم بشَأنِه واعتَرفَ علماءُ الأمّة بغَزارةِ عِلمِه وأنّ الله حقًّا قد زادَهُ بسطةً في العِلمِ عليهم؛ فعَلِموا أنّ الله اصطَفاهُ إمامَ الأمّة فيَكشِف به الغُمّة حتى إذا اعتَرفُوا بالحقّ مِن ربّهم عندها يَظهَر المهديُّ المنتظَرُ عند الرُّكنِ اليمانيّ للمُبايَعة مُباشَرةً وليس للحِوار؛ ذلك لأنّ الحِوَار يتِمُّ عبرَ هذا الجِهاز العالميّ مِن قبلِ الظُّهور، أليسَ هذا هو المَنطِقُ الذي يَقبَلُه العقل؟ إنَّكم تَظنُّونَ أنّه سوفَ يَظهَرُ لكم مِن قبلِ الحِوار! ولكنّ محمدًا رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - قد أخبَركم أنّه يظهَرُ عند الرُّكنِ اليمانيّ للمُبايَعة وليس للحِوار، ويُدرِكُ قَولِي هذا أولوا الألباب بأنّه حقًّا لا بُدَّ أنّ المهديّ يُحاوِرُ الأمّة مِن قبل الظّهور، حتى إذا صدّقوا بأمرِهِ ظهَرَ لهم للمُبايَعَة.
ويا مَعشَر أولي الألبابِ مِن الذين لا يكونون ساذَجِينَ إمَّعَاتٍ إن أحسَنَ الناسُ أحسنوا وإن أساءَ الناسُ أساءُوا؛ إنّي أُقسِمُ لكم بالله ربّ العالمين أنّي لا أقولُ لكم غيرَ الحقّ بأنّي أنا المهديُّ المُنتظَرُ وأتَلقَّى البيان الحقّ للقرآن بوحي التّفهيم وليس بالتَّكليم ولا إرسالِ جبريل، ولسوفَ أُقَدِّمُ لكم البُرهان القاطِع مِن القرآنِ بطريقَة وحيِ التّفهيمِ مِن ربّ العالَمين مُباشرةً إلى القلب؛ وإذا لم تُصدِّقوا بوَحيِ التّفهيمِ فكيف سوفَ تَستَطيعونَ أن تَعلموا بتَأويل قوله تعالى: {فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴿٣٧﴾} صدق الله العظيم [سورة البقرة].
فكيف تَستَطِيعونَ أن تُفسِّروا هذه الآية إذا لم تُؤمِنوا بوَحيِ التّفهيم؟ فإنّ قارِئ الآية يَرى وكأنّ المُتكَلِّم هو الله يَعتَذِرُ لآدم ثمّ تابَ آدم على الله سبحانه وتعالى عُلُوًّا كبيرًا، ومِنكم مَن جعَل لهذه الآية أساطير بأنّ آدم سألهُ بحقّ فُلانٍ وفُلانٍ ومِن هذا القَبِيل. ولكنّي لا أُفسِّرُ كلام الله مِثلكم بالظنّ؛ بل بنفسِ آياتٍ أخرى في القرآن آتي بالتّأويلِ الحقّ فأقول إنّ الله سبحانه أوحَى إلى قلبِ آدم وحوّاء ماذا يقولون حين أرادَ أن يَرحَمَهم، ولم يُكلِّمهم بما يَقولونَ بالتَّكليمِ مِن وراءِ الحجابِ تَكليمًا بالصَّوتِ ولا بإرسالِ جبريل؛ بل بوَحْيِ التّفهيم إلى القلبِ مُباشَرةً. وهذه الكلماتُ التي تلقّاها آدم إلى القلبِ هي ما نطقَ بها آدمُ مُخاطِبًا بها ربّه وهي: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿٢٣﴾} صدق الله العظيم [سورة الأعراف].
ثمّ نَزيدُكم على إثباتِ وَحيِ التّفهيم في قِصّة يوسف بعد أن تَركَه إخوَته في الجبّ في بئرٍ على طريق القوَافِل: {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَٰذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴿١٥﴾} صدق الله العظيم [سورة يوسف].
فهل تظنّون بأن الله كلَّم يوسف - عليه الصّلاة والسّلام - تَكليمًا أو أرسَلَ إليه جبريل؟ بل ألهمَه وفَهَّمَه بأنّ هذا المَكر لم يكن ليُصيبَه بسُوءٍ؛ بل ليُحقِّقَ الله له رؤياه بالحقّ وإنّه سوف يأتي يومٌ مِن الأيام فيُنَبِّئُ إخوَته ويُذكّرهم بأمرِهم هذا وما صَنَعوا به وهم لا يَشعرون بأنّ المُتكلِّم هو يوسف وذلك لأنّه قد صار في مَركزٍ كبيرٍ؛ بل عزيز مصر!
ومِن ثمّ نُتابِعُ القِصّة فنَجِدُ فِعلًا أنّ رسول الله يوسف قد ذكَّر إخوتَه بما صنَعوا به وبأخيه وهم لا يَشعُرون بأنّ الذي أمامهم هو يوسف حتى ذَكَّرهم بأمرِهم ومَكرِهم ضِدّه بغيرِ الحقّ، وعندها تبيَّن لهم أنّ الذي يُكلِّمُهم هو يوسف بلا شكٍّ أو ريبٍ. وقال الله تعالى في قصة يوسف: {قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ ﴿٨٩﴾ قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ ۖ قَالَ أَنَا يُوسُفُ} [سورة يوسف:89-90].
وهنا يتَبيَّنُ لكم التّأويلُ الحقّ لقوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَٰذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴿١٥﴾} صدق الله العظيم. فقد رأيتُم بأنّ يوسف ذَكّرهم بأمرِهم هذا وهم لا يَشعُرونَ أنّ الذي أمامهم هو أخوهم حتى إذا ذَكَّرهُم بما صنَعوا به، لذلك قالوا: {قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ ۖ قَالَ أَنَا يُوسُفُ} صدق الله العظيم.
وهكذا بيان القرآن بالقرآن لو كنتم تَعلمون، وإنّما يُلهِمُني ربّي بالآية التي هي تأويلٌ لآيةٍ أخرى، وإذا لم يكن هناك سُلطانٌ لتأويلِ الحقّ مِن القرآن فاحذَروا؛ فليس ذلك إلهامٌ مِن الرّحمان بل وَسوَسة شيطانٍ لتَقولوا على الله ما لا تَعلمون، فأنا لا أقول لكم حدَّثنِي قلبي بغير سُلطانٍ من القرآن الذي أتَحدّاكم به.
وكذلك بيَّن الله لكم طُرُق الوَحيِ أنّها ثلاثة وهي:
- وَحيُ التّفهيم إلى القلب.
- وكذلك وَحيُ التّكليمِ مِن وراءِ حجابٍ.
- وكذلك إرسالُ جبريل.
- وقال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا} صدق الله العظيم [سورة الشورى:51]، وذلك وَحيُ التّفهِيم كما بيّنا لكم.
- {أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ} وذلك وَحيُ التّكليم بالصّوتِ كما كلَّمَ الله موسى تكليمًا.
- {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} صدق الله العظيم [سورة الشورى:51]، وذلك إرسالُ جبريلَ عليه الصّلاة والسّلام.
ولكنّي أُنبِّه وأُكرِّرُ بأنّه إذا لم يكن للذين تُحَدِّثُهم قلوبُهم سُلطانٌ يُجادل به مِن القرآن فليس ذلك وحيًا مِن الرّحمن؛ بل وَسوَسة شيطانٍ فاحذروه إذا لم يكن الدّاعي على بَصيرةٍ مِن ربّه فلم يوحِ اللهُ له شيئًا بل أوحَى إليه الشيطان بالوَسوَسة بغير الحقّ.
ويا مَعشَر علماء الأمّة؛ إذا كان ناصر اليماني يُوحِي له الشيطان فسوفَ تَغلِبونَه مِن القرآن وتُلجِمونَه إلجامًا، وإن ألجَمتُكم وأخرَسْتُ ألسنتَكم بالحقّ، فقد تبيّن للذين يُريدونَ الحقّ أنّه على حقٍّ، ويهدي إلى صراطٍ____________مُستقيمٍ؛ صراط العزيز الحميد.
ويا مَعشَر عُلماء الفَلَكِ والشريعة؛ لقد أدرَكَت الشمسُ القمرَ وهو هلالٌ في أوّل الشهرِ عِدّة مرّاتٍ فلم تُحدِث لكم ذكرًا، ثمّ زادَكم الله آيةً أكبَر وهي السّبق وأنتم تعلمون؛ وجميعُ عُلماءِ الفلك يَعلمونَ بأنّه منذ أن خلقَ الله السّماواتِ والأرضَ أنّ الهلال يُولَدُ ويَنفَصِل عن الشمس شرقًا وهي تَجري وراءَه غربًا وذلك منذ أن خلقَ الله السّماواتِ والأرضَ، فلا ينبغي للشمس أنْ تُدركَ القمر أو تتقدَّمه؛ وكذلك النّهار لا يَنبغي له أن يَسبِقه الليل فيتَقدَّمه، وذلك لأنّه يُولج الليل في النهار، إذًا النهار هو الأوّل والليل يَطلبُه حثيثًا وراءه بشكلٍ مُستَمرٍ، وها هي الشمس قد أدرَكتِ القمر فسبَقته بالمَرّة وأنتم تَعلَمون بأنّ الشمس والقمر جميعهنّ يَجريانِ مِن الغرب نحو الشرق وأنّ المُتَقدِّم القمر والشمس تجري وراءَه؛ والقمر يتأخّرُ عن الشمس شرقًا حتى ترونه بدرًا يَظهرُ لكم مِن الشرق بوَقتِ المغرب ومَنازله أمام أعيُنِكم حتى عادَ كالعُرجونِ القديمِ وهو وَضعُه السّابق؛ محاقٌ مُظلمٌ لا هلال فيه شيئًا ومِن ثم يولَدُ وينفَصِلُ عن الشمس شرقًا، وهكذا الشمس لا يَنبغي لها أن تُدرِكَ القمر فتتقدَّمه وهو يَجري ورائها هلالًا حتى يأتي أحد شروط السّاعة الكبرى ومِن ثم تَسبِقُ الشمس القمر فيَجري وراءَها هلالًا؛ وذلك لأنّه وُلدَ فجرًا قُبيلَ طلوعِ الشمس فأصبَح يجري وراءَها، يا قوم ولكنّه كان يَلحَقُ بها فتَجتمِع به وقد هو هلال في رمضان 1426 وكذلك رمضان 1427 وكذلك ذي الحجة 1427 حتى إذا جاء رمضان 1428 وهو الإدراك الأكبر فتمّ التّقدُّم النِّهائي للشمس فرأيتُم بأنّ الشمس والقمر يَجرِيانِ نحو الشرق ولكنّ الشمس سابقةٌ للقمر والقمر يجري ورائِها وقد هو هلال، وقد عَلِمتُم بميلاده بسبب الكُسوف والذي لم يَرَهُ أهل الجزيرة العربيّة؛ بل في بلادٍ أُخرى، والمُهمّ أنّكم عَلِمتُم بميلاد الهلال بلا شَكٍٍّ أو رَيبٍ ولكنّكم تيقّنتُم بأنّ الهلال غابَ قبلَ مَغيبِ الشمس، ولكنّكم تَعلَمون بأنّ سببَ طلوعِ الشمس وغروبها هو حركة كوكبِ الأرضِ مِن الغرب إلى الشرق؛ وفي الحقّيقة إنّ الشمس والقمر لا يتّجِهانِ غربًا؛ بل اتِّجاهَهُما شرقًا وجريهم شرقًا.
إذًا يا قوم؛ لقد علِمتُم بأنّ الشمس والقمر كانا يَجرِيانِ في أوّل ميلاد هلال رمضان فَلكيًّا وعلِمتُم بأنّ الهلال يجري بعد الشمس، ومِن متى الهلال يجري بعد الشمس منذ أن خلقَ الله السّماواتِ والأرضَ؟! {لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴿٤٠﴾} [سورة يس]. ولكن يا قوم جاء شرطٌ مِن شروط السّاعة الكبرى فسَبقتِ الشمسُ القمرَ وحتمًا سوف يَسبِقُ الليلُ النهارَ وأنتم عن أمري مُعرِضون إلّا مَن رَحِم ربّي.
ويا مَعشَر البشر؛ إنّ السَّببَ العِلميّ بأنّ الشمس أدركَتِ القمر فذلك بسبب اقتِرابِ الكوكب العاشِر وتأثُّر القمر خصوصًا بحرَكَتِه حولَ نفسِه نظرًا لضُعفِ جاذِبيَّتِه، وأنتم تعلمونَ جاذِبيَّةَ القمر، وسوف يأتي التَّأثيرُ الأكبرُ على الأرضِ يومَ اقتِرابِه أكثر فتَرَونَ الشمس تَظهرُ مِن مَغرِبها، ثمّ لا يَنفعكم الإيمان بأمرِي ويُدَمّر الله الكفار بهذا الأمر تدميرًا؛ ويُطهِّر الأرض مِنهم تطهيرًا كشجرةٍ خَبيثةٍ اجتُثَّت مِن فوقِ الأرض ما لها مِن قَرار، خُصوصًا الذين يَعلَمونَ أنّه الحقّ مِن ربّهم وهم عنه مُعرِضونَ وهم شياطين البشر.
ويا مَعشَر البشر؛ كم أُكرِّرُ وكم أُذَكِّر:
لقد أدركَت الشمسُ القمَرَ آيةً للمهديّ المنتظَر الإمام الثّاني عشر مِن أهلِ البيتِ المُطهر. وإنّي لا أتَغنَّى لكم بالشِّعرِ ولا مُساجِعٌ بالنَّثرِ، قد أعذَرَ مَن أنذَرَ، والله أكبر والنَّصر لله وللمهديّ المُنتظَر وسيَعلَمون غدًا مَن الكذَّابُ الأشِر، والسّلامُ على مَن اتَّبَع الهادي إلى الصِّراطِ ___________المُستَقيم..
أخوكم؛ الإمام ناصر محمد اليماني.
____________
[لقراءة البيان من الموسوعة]
https://albushra-islamia.org/showthread.php?p=4831