01 - 01 - 1429 هـ
09 - 01 - 2008 مـ
08:33 مـساءً
ــــــــــــــــــ
حاشا لله أن يُساق محمدٌ رسولُ الله والصالحون ..
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلّى الله على محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، ثم أمّا بعد..
ويا حبيب، عليك أن تعلم بأنّ معنى قوله تعالى: {وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} صدق الله العظيم [ق:٢١]، أي كُل نفسٍ قيَّض الله لها نفساً خبيثةً فأصبحا روحين يعيشان في جسدٍ واحدٍ فهما في العذاب مشتركان، لذلك تجد الملائكة حين يضربون الإنسان الكافر المعرض ويقولون: أخرجوا أنفسكم؛ ويقصدون نفس الإنسان ونفس الشيطان اللتين تعيشان في جسدٍ واحدٍ، وكذلك يوم القيامة يسوقون الإنسان مع قرينه الشيطان إلى الرحمن، فأرداه الشيطان حتى بين يدي الله في الآخرة بأن ينكر حتى ربّ العالمين حتى إذا حلف لله ما كان يعمل من سوء ولكن الله ختم على فمه فشهدت أطرافه وجلده بما كانوا يفعلون حتى إذا اعترف بإثمه وقال لجلده ورجليه لما شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء.
ومن ثم يقول الإنسان لقرينه الشيطان الذي يعيش في جسده و بعد أن أرداه في الدنيا وفي الآخرة وكذلك شهد ضده وقال: {قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَـٰكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ﴿٢٧﴾} صدق الله العظيم [ق]، وعندها يقول الإنسان لقرينه الشيطان: {يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ} صدق الله العظيم [الزخرف:٣٨].
وأما قرين السائق هو (رقيب)، وقد علمناكم بأنّ السائق هو (عتيد)، حتى إذا ألقى الشهادة (رقيب) بأنّ ما لدى (عتيد) في كتاب السيئات أنه الحقّ ولم يظلم الإنسان شيئاً، وبعد أن يُحصحِص الحقّ يصدر الأمر على الملك (عتيد) والملك (رقيب) الاثنين اللذين لم يفرطا بالإنسان المجرم حتى ألقَيا به في العذاب الشديد وانتهت وانقضت مهمتهما من البداية إلى النّهاية والحمدُ لله ربّ العالمين.
لذلك تجد الأمر صدر على الملك (عتيد) و(رقيب) ليلقيا به في نار جهنّم فتنتهي مهمتهما، ومن ثم يذهبون للجمع الملائكي من حول العرش، وقُضي بينهم بالحقّ وقيل الحمدُ لله رب العالمين. وقال الله تعالى: {وَقَالَ قَرِينُهُ هَٰذَا مَا لَدَيَّ عَتيدٌ ﴿٢٣﴾ أَلْقِيَا فِي جهنّم كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ﴿٢٤﴾ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ ﴿٢٥﴾ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ ﴿٢٦﴾ قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَٰكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ﴿٢٧﴾ قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ﴿٢٨﴾ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴿٢٩﴾ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [ق].
وأما المُكرّمون فيأتون يوم القيامة نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم معزَّزين مكرَّمين من غير أحد يسوقهم يا حبيب، ومعنى كل نفسٍ معها سائق وشهيد لا ينطبق على الصالحين أبداً بعد أن تبيّن لكم التأويل الحقّ، بل السائق والشهيد مع كُلّ نفسٍ من أصحاب الجحيم وليس مع كلّ نفسٍٍ من أصحاب النّعيم الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون.
وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
المهدي المنتظر الإمام ناصر محمد اليماني.
ــــــــــــــــــــ