الموضوع: تحية الاسلام

النتائج 1 إلى 10 من 10
  1. افتراضي تحية الاسلام

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  2. افتراضي

    وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته

  3. افتراضي

    و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
    هل أنت مستغرب من إضافة ( و نعيم رضوان نفسه ) إلى التحية ؟
    عليك قراءة بيانات النعيم الأعظم

  4. افتراضي

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ونعيم رضوانه

    أهلاً وسهلاً بك في رحاب مدرسة الإمام المهدي المنتظر ( ناصر محمد اليماني )
    عليه الصلاة والسلام فضل الله ورحمته ، صاحب علم الكتاب ، الإنسان الّذي خلقه الرحمن وعلّمه البيان ، الخبير بالرحمن ، الهادي للصراط المستقيم على منهاج النبوة الأولى ، والمهدي لإسم الله الأعظم من نعيم الجنّة ومن أي نعيم

    فللّه الحمد والفضل والمنّة أن كرّمني وجعلني من أنصاره السابقين الأخيار في عصر الحوار ماقبل الظهور

    ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله يهدي إليه من ينيب فيهديه سبيله المستقيم.

    وسلام على المرسلين والحمدلله رب العالمين



  5. افتراضي

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..

    أهلا وسهلاً أخي الكريم نسيم ..

  6. افتراضي

    وعليكم سلام الله ورحمته وبركاته وعظيم نعيم رضوانه
    قال تعالى :
    وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا

    من سورة النساء- آية (86)

  7. افتراضي

    تحية الاسلام هي السلام عليكم , و لك ان تزيد ب و رحمة الله , و لك ان تزيد , و رحمة الله تعالى و بركاته , و لك ان تزيد ب , و و رحمة الله تعالى و بركاته و رضوانه

  8. افتراضي

    اقتباس المشاركة :
    تحية الاسلام هي السلام عليكم , و لك ان تزيد ب و رحمة الله , و لك ان تزيد , و رحمة الله تعالى و بركاته , و لك ان تزيد ب , و و رحمة الله تعالى و بركاته و رضوانه
    انتهى الاقتباس
    مقتبس
    اقتباس المشاركة :
    أي فسلِّموا على بعضكم بعضاً، وهو أن تقولوا: ( السلام عليكم ورحمة الله )، ومن ثمّ يردّ عليكم إخوانكم بأحسن منها، وهو أن يقولوا: (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته )، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ﴿٨٦﴾} صدق الله العظيم [النساء].

    أخوكم الإمام المهدي ناصر محمد اليماني .
    انتهى الاقتباس
    ======== اقتباس =========

    اقتباس المشاركة 37754 من موضوع الإمام المهدي يخبرنا عن التشهد الأخير في الصلاة ..


    الإمام ناصر محمد اليماني
    10 - 05 - 1433 هـ
    02 - 04 - 2012 مـ
    06:09 صباحاً
    ـــــــــــــــــــ



    الإمام المهدي يخبرنا عن التشهد الأخير في الصلاة ..

    بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على جدّي محمد رسول الله وآله الأطهار، وجميع أنصار الله إلى اليوم الآخر، وبعد..
    سلامُ الله عليكم ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وسلامٌ على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين، ويا أحبتي الأنصار
    لسوف نخبركم عن التشهد الأخير فقط، فهو كما يلي: {
    شَهِدَ اللَّـهُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿١٨} [آل عمران].

    وبما أنّكم سألتم الله الهدى في البداية عند تلاوة الفاتحة فاسألوه التثبيت في النهاية، ومن ثم تقولون بعد آيات التشهد مباشرة:
    {
    رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ﴿٨} [آل عمران].

    ومن ثمّ تقولون بعد ذلك:
    {سُبْحَانَ رَ‌بِّكَ رَ‌بِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴿١٨٠﴾ وسلامٌ على المرسلين ﴿١٨١﴾ وَالْحَمْدُ لِلَّـهِ ربّ العالمين ﴿١٨٢﴾} [الصافات].

    ومن ثمّ تُسلّمون على إخوتكم في الدين عن يمينكم وشمالكم ملائكة الرحمن الموكَّلين بكم والمكلَّفين بكتابة أعمالكم، فبعد الانتهاء من التشهد والتسبيح فيلتفت المُصلّي إلى اليمين فيسلّم على الملك رقيب فيقول: السلام عليكم ورحمة الله، ومن ثم يلتفت شمالاً فيسلّم على الملك عتيد فيقول: السلام عليكم ورحمة الله، ومن ثمّ يردّ عليكم الملكان رقيب وعتيد بأحسن منها وأنتم لا تسمعون، فيقول كلٌ منهما: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. انتهى الجواب ذكرى لأولي الألباب..

    وليس التشهد كما يزعمون من عند أنفسهم؛ بل كذلك التشهّد يُستنبط من كتاب الله وليس من عند أنفسكم كونكم تفرّقون بين رسل الله فتذكرون آل محمد وآل إبراهيم ولم تذكروا الذين من قبلهم، فلماذا نفيتم ذكرهم ولم تشملهم التحيات في صلواتكم؟ أم إنّكم لا تعلمون
    ما هي التحيات؟ وإنما هي السلام من الله عليكم. ألم يقل الله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون} صدق الله العظيم [النور:61].

    أي فسلِّموا على بعضكم بعضاً، وهو أن تقولوا: ( السلام عليكم ورحمة الله )، ومن ثمّ يردّ عليكم إخوانكم بأحسن منها، وهو أن يقولوا: (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته )، تصديقاً لقول الله تعالى:
    {
    وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ﴿٨٦} صدق الله العظيم [النساء].

    أخوكم الإمام المهدي ناصر محمد اليماني .
    ______________

    اضغط هنا لقراءة البيان المقتبس..

    ======== اقتباس =========

    اقتباس المشاركة 212079 من موضوع حكم الإمام المهديّ بالحقّ بأنّ التحيات من عند الله ولله، تقولونها لبعضكم بعضاً ..


    [ لمتابعة رابط المشاركـــــــــــــة الأصليّة للبيــــــــــــــان ]

    https://albushra-islamia.org/showthread.php?p=212076

    الإمام ناصر محمد اليماني
    07 - 03 - 1437 هـ
    18 - 12 - 2015 مـ
    03:56 صباحــاً
    ـــــــــــــــــ


    حكم الإ
    مام المهديّ بالحقّ بأنّ التّحيّات من عند الله ولله، تقولونها لبعضكم بعضاً ..



    بِسْم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على كافه الأنبياء والمُرسلين وآلهم الطّيِّبين الطّاهرين وجميع المؤمنين في كلّ زمانٍ ومكانٍ الى يوم الدين، أمّا بعد..

    وَيَا حبيبي في الله بدر اليافعي المحترم، أليست صلاتك لله وكذلك التّحيّة لله كونها من ضمن عبادة الله؟ كونك نفّذتَ أمر الله فتقول السّلام عليكم ورحمة الله. أليس ذلك التزاماً منك بأمر الله أنّكم اذا دخلتم بيوتاً فتُسلِّموا على أهلها؟ بمعنى أنّ السّلام لله بمعنى أنّك ألقيت بالتّحيّة عليهم لله، حتى يكون لكم في ذلك أجرٌ فلا بدّ أن تكون التحيّات لله وليس لهدفٍ آخر في أنفسكم.

    ونِعم التّحيّة هي من عند الله فتُسلِّمون على بعضكم بعضاً لله. إذاً التّحيّات لله فحتى يتقبّل الله فلا بدّ أن تكون لله، أي من شان الله تُلقي بالتحية على إخوانك المؤمنين. إذاً التّحيّات لله ومنّ الله يا حبيبي في الله، فلا تجد في نفسك حرجاً ممّا قضيتُ بينكم بالحقّ وتسلِّموا تسليماً.

    وبالنسبة للتشهُّد في الصلوات فقد استنبطناه لكم من محكم كتاب الله القرآن العظيم، وحتى ولو صلّيتم في صلاة الجماعة فتستطيعون أن تنطقوا سراً بالتشهد الحقّ كونه يقال سراً.

    وأرى بعضكم مسّه طائفٌ من الشيطان في تشهّد الإمام المهديّ بالصّلوات بسبب فتنة الروايات، فقد ألهمني ربّي بذلك ولو لم يُبدِه لنا، وَيَا سبحان الله! بل هو التشهد الحقّ في الصلوات مُستنبطٌ من كتاب الله. ألا وإنّ المتّقين إذا مسّهم طائفٌ من الشيطان ليشكِّكَهم في الحقّ فمن ثمّ يتفكّروا بعقولهم في الحقّ أليس تشهد الإمام المهديّ هو أشمل وأكمل؟ ويُسمّى بالتشهّد وهو نفسه تشهّد محمدٍ رسول الله في صلواته، صلى الله عليه وآله وسلم، فهو يجمع بين تشهّد الله لنفسه بالوحدانيّة وتشهّد ملائكته وأولي العلم بمعرفة الربّ القائم بالقسط من عباده، ويُسمّى بالتشهّد في الصلوات سواء التشهّد الأوسط أو الأخير، فكونوا من الشاكرين.

    وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
    أخوكم؛ الامام المهديّ ناصر محمد اليماني.
    _____________
    اضغط هنا لقراءة البيان المقتبس..


  9. افتراضي

    اقتباس
    وتبيّن لكم إنّه يقصد بقوله: {فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} أي: فسلموا على بعضكم بعضاً وهي تحية الإسلام بين المؤمنين إلى بعضهم بعضاً. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} صدق الله العظيم [النساء:86].

    فأمّا التحية من الله الطيبة فهي حين تدخلوا بيوت بعضكم بعضاً فتقولون: (السلام عليكم ورحمة الله). وأما قول الله تعالى: {فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ} وهي قولكم: (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته)، أو أضعف الإيمان ردوها فإن حياكم أحدٌ وقال: (السلام عليكم) فأضعف الإيمان إذا لم تردوا بأحسن منها فردّوها فتقولون: (وعليكم السلام). وأما إذا قال صاحب التحية لكم: (السلام عليكم ورحمة الله) فإذا لم تحييوا بأحسن منها فأضعف الإيمان ردّوها فتقولوا: (وعليكم السلام ورحمة الله). وليس من الأخلاق أن يحييكم أحدٌ فيقول: (السلام عليكم ورحمة الله) ثم تردون عليه بأنقص منها فتقولون (وعليكم السلام) برغم إنه قال (السلام عليكم ورحمة الله)، فإذا سمعك تردّ عليه فتقول: وعليكم السلام، فلربما يرجع من باب دارك كونه سوف يصير في نفسه شيء وكأنه ليس مرغوباً لديك دخوله البيت بسبب إنّه حياك وقال: (السلام عليكم ورحمة الله) ولم ترد أضعف الإيمان تحيته بمثلها بل بأنقص منها مما سوف يصير في نفس أخيك الزائر شيء فيهجر زيارتك إلى دارك، ولكن حين يسمعك ترد تحيته بخير منها فتقول: (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته) سوف يطيب نفساً إنك سررت بقدومه ومرحباً به. ولو إن هذا الموضوع لم يكن هو الموضوع المقصود وإنما عرجنا على بيان التحية نظراً لأنه جاء ما يخصها لكي نستنبط منه أنه يأتي في مواضع يقصد بقوله تعالى: {أَنفُسِكُمْ} أي بني جنسكم، كمثل قول الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} صدق الله العظيم [التوبة:128] ؛ والمقصود بقوله {مِنْ أَنْفُسِكُمْ} أي من بني جنسكم.

    اقتباس المشاركة 16177 من موضوع ردّ الامام على السائل: {لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} صدق الله العظيم، وعلى هذه الكلمة في الذكر تأسست عقيدة الشيعة الاثني عشر..



    - 2 -
    الإمام ناصر محمد اليماني
    24 - 06 - 1432 هـ
    28 - 05 - 2011 مـ
    01:55 صباحاً
    ـــــــــــــــــــــ


    إنّ من الأئمة والأنبياء ما كان بسبب دعاء آبائهم..


    بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على جدي محمد وآله الأطهار وجميع أنصار الله الواحد القهار..

    ويا أبا بكر من الأنصار السابقين الأخيار، إن من الأئمة والأنبياء ما كان بسبب دعاء آبائهم. تصديقاً لقول الله تعالى:
    {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} صدق الله العظيم [الفرقان:74].

    فإذا علم الله إن دعاء عبده لربه أن يهب له ذريّة لينفع بهم الدين والمُسلمين ثم يجيب الله دعاء عبده إن يشاء، وإلى الله ترجع الأمور. كمثل نبيّ الله زكريا قال:
    {رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذريّة طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء} صدق الله العظيم [آل عمران:38].

    كون نبيّ الله زكريا عليه الصلاة والسلام يريد أن يهب له الله مولوداً مباركاً ويجعله إماماً للمُسلمين لأنّ هدفه من أجل الدين وليس حبّاً في البنين وزينة الحياة الدنيا بل هو من الذين قال الله عنهم في محكم كتابه:
    {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} صدق الله العظيم [الفرقان:74].

    ولذلك تجد أنّ الله قد وهب له نبيّاً كريماً وجعله إماماً للمتقين ليهديهم إلى ربّهم ببصيرة الكتاب، ويجب أن يكون ذلك الطموح هو طموحُ كلّ زوجٍ وزوجةٍ من المُسلمين فيدعون ربّهم أن يهب لهم ذريّة طيبة لينفعوا بأولادهم الإسلام والمُسلمين ثم يجيبهم ربّهم ويتقبل منهم أولادهم ويجعل الله فيهم خيراً كثيراً للإسلام والمسلمين، فانظروا إلى دعاء امرأة عمران وهي حامل أنابت إلى ربها فقالت:
    {رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [آل عمران:35].

    ويعلمُ الله بما تريد؛ إنها تريد ولداً لتنفع به الإسلام والمُسلمين، ثم كانت واثقة من الله أنّه سوف يجيبها كون عمران بن يعقوب زوجها قد توفي وهي حامل، وكذلك توفي ابنها هارون من قبل وأرادت أن تحفظ ذريّة ذلك البيت المكرم بولدٍ يرزقها الله به وتنفع به الإسلام والمُسلمين، ولكن الله ابتلاها فوضعتها أنثى وهي كانت منتظرة الإجابة من ربّها أن يهب لها ولداً وقد وهبته لربّها مقدماً وهو لا يزال في بطنها حين توفى الله زوجها، ولكن حين وضعتها تفاجأت بأنها أنثى وليست ذكراً، ولم يعد هناك أمل أن تنجب ولداً من ذريّة عمران بن يعقوب وهي تعلم أنّ الأنثى لا تحمل ذريّة الأب بل تحمل ذريّة الصهر. تصديقاً لقول الله تعالى:
    {وَهُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ مِنَ ٱلْمَآءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً} صدق الله العظيم [الفرقان:54].

    ولذلك قالت امرأة عمران:
    {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} صدق الله العظيم [آل عمران:36].

    فانظروا إلى حُسن الظنّ بربها فقالت:
    {وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ}، بمعنى عسى أن يكون لله حكمة من أن يرزقها بأنثى فعسى أن يكون فيها خير للإسلام والمُسلمين، ولم يظل وجهها مسوداً ولم تحزن وفوضت أمرها إلى ربها فعسى أن يجعل الله في ذريتها خيراً للإسلام والمُسلمين برغم أنها كانت تريد أن تحمل في بطنها ذريّة عمران بن يعقوب حتى لا ينقطع نسل ذلك البيت المبارك، ولكن الله أجاب دعاء امرأة عمران بالحقّ وإنما ابتلاها بالمولود أنثى، ولكن ذلك من عجيب إجابة الدعاء من الربّ سبحانه أنّ اسم المسيح عيسى ابن مريم "عيسى ابن مريم عمران بن يعقوب" ولم تحمل مريم ذريّة الصهر ولم يشاركها في ذريتها أحدٌ برغم أنه لم يخطر لامرأة عمران على بال أنّ ذريّة مريم سوف تنسب إلى عمران كون بالعقل إنّ ذريّة مريم سوف تنسب إلى من سوف يتزوجها وهو الصهر فتحمل ذريته فتنسب الذريّة إلى أبيهم زوج مريم، ولكن لا زوج لمريم ابنة عمران عليها الصلاة والسلام ولم تتزوج قط ولم يمسسها بشر قط في حياتها. وقالت: {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ} صدق الله العظيم [آل عمران:47].

    إذاً رسول الله المسيح عيسى ابن مريم -عليه الصلاة والسلام وعلى أمه- هو أصلاً خلقه الله إجابة لدعاء امرأة عمران عليه الصلاة والسلام إذ قالت:
    {رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} صدق الله العظيم [آل عمران:35]، وإنما ابتلاها الله بأنها وضعتها أنثى ولكن الله خلق من ابنتها ذكراً وجعله رسول الله لبني إسرائيل وينفع الله به الإسلام والمُسلمين إن ربي سميع الدعاء.

    ومن الأئمة من كان السبب هو من عند المولود نفسه وليس من عند أبيه ولربما أبوه من الغافلين، أو إنّه ليس من الذين أوتوا العلم ولم يكن يعلم أنه يحقّ له أن يهب لربه ذرّيته لينفع بهم الإسلام والمُسلمين، ولكن الذين اجتباهم الله فإن السبب هو من عند أنفسهم وليس من عند آبائهم، فالمولود أذكى من الوالد فلم يتبع ملّة أبيه إذا لم يتقبل ملّة أبيه عقلُه وإذا كان من أولي الألباب المتفكرين فيبحث عن الحقّ ليتبعه ثم يجتبيه الله ويهدي قلبه إلى الحقّ. تصديقاً لقول الله تعالى:
    {اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ} صدق الله العظيم [الشورى:13]، كون الذين يجتبيهم الله إليه فيصطفيهم ويهدي قلوبهم فالسبب هو من عند أنفسهم وليس من عند آبائهم كمثل رسول الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام لم يكن السبب من عند أبيه كون أبيه ليس من الذين قال الله عنهم: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} صدق الله العظيم؛ بل كان آزر أبو إبراهيم من الضالين عن الصراط المستقيم من الذين يتّبعون آباءهم الاتّباع الأعمى من غير تفكرٍ ولا تدبرٍ، ولكن إبراهيم المتفكر والمتدبر لم يقتنع بما وجد عليه أبيه وقومه وتفكّر وبحث عن الحق فاجتباه الله إليه وهداه وجعله من المرسلين. وقال الله: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَ‌اهِيمَ رُ‌شْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ ﴿٥١﴾ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ﴿٥٢﴾ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ ﴿٥٣﴾ قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٥٤﴾} صدق الله العظيم [الأنبياء].

    فانظروا إلى آزر والد نبيّ الله إبراهيم من الذين يتّبعون آباءهم الاتّباع الأعمى من غير تفكر بالعقل والمنطق ولذلك كان ردّ أبيه وقومه:
    {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ (53)} صدق الله العظيم، وما أشبه اليوم بالبارحة فكثيرٌ هم الذين ضلّوا عن الصراط المستقيم بسبب الاتّباع الأعمى للذين من قبلهم بحجّة أنهم السلف الصالح فلا تجدونهم يستخدمون عقولهم شيئاً، فضلُّوا أنفسهم وأَضَلّوا أمتهم، ولا نطعن في السلف من الصالحين وإنما نطعن في افتراء الشياطين عن أسلافهم كذباً وزوراً. وحتى لا نخرج عن الموضوع نعود إلى الذين اجتباهم الله بسببٍ من عند أنفسهم وهم الذين جاهدوا بالبحث عن معرفة الطريق الحقّ إلى ربهم فاجتباهم ربّهم وتقبلهم وهداهم إلى صراط العزيز الحميد، ومن الذين اجتباه الله وهداه واصطفاه بسببٍ من عند نفسه نبيّ الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام. تصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121)} صدق الله العظيم [النحل]

    والسؤال الذي يطرح نفسه أليس سبب الاجتباء والهدى كان من عند إبراهيم حتى اجتباه الله وهداه إلى الصراط المستقيم؟ والجواب تجدوه في محكم الكتاب أنّ السبب كان من عند إبراهيم أناب إلى ربه ليهدي قلبه إلى الحقّ؛ بل كان متألماً قلبه من قبل الهدى كونه يريد أن يتبع الحقّ الذي لا شك ولا ريب فيه، ولذلك قال إبراهيم المنيب:
    {قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ} صدق الله العظيم [الأنعام:77]، ولذلك اجتباه الله وهدى قلبه إلى الصراط المستقيم فقال: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ‌ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِ‌كِينَ ﴿٧٩﴾} صدق الله العظيم [الأنعام]. وهداه الله إليه بسبب وعده بالحقّ في محكم كتابه لَيهدي قلوب الباحثين عن الحقّ إلى الصراط المستقيم شرط تألم القلب والحسرة لو لم يكن على الصراط المستقيم كمثل قول نبيّ الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام: {قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ} صدق الله العظيم [الأنعام:77].

    فتجدون التألم يملأ قلب إبراهيم عليه الصلاة والسلام كونه لا يريد أن يكون من الضالين أصحاب الاتّباع الأعمى؛ بل يريد أن يتبع الحقّ من ربه ولذلك هداه الحقّ إلى الحقّ إنه سميع مجيب. تصديقاً لقول الله تعالى:
    {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} صدق الله العظيم.

    ونستنبط من ذلك شرط هدى القلب إلى الرب: إنّها الإنابة من عند نفس الإنسان إلى ربه ليهدي قلبه إلى الصراط المستقيم.

    ولذلك قال الله تعالى:
    {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَ‌فُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّ‌حْمَةِ اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ‌ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ‌ الرَّ‌حِيمُ ﴿٥٣﴾ وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَ‌بِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُ‌ونَ ﴿٥٤﴾ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّ‌بِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُ‌ونَ ﴿٥٥﴾ أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَ‌تَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّ‌طتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِ‌ينَ ﴿٥٦﴾أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّـهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴿٥٧﴾ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَ‌ى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّ‌ةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٥٨﴾ بَلَىٰ قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْ‌تَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِ‌ينَ ﴿٥٩﴾} صدق الله العظيم [الزمر].

    فانظروا لقول الإنسان الذي لم يهدِ الله قلبه إلى الحقّ ما سوف يقول عند لقاء ربه:
    {لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} صدق الله العظيم، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: فما هي حجّة الله على الإنسان الذي لم يهدِ قلبه إلى الحقّ؟ ومن ثم تجدون الجواب في محكم الكتاب في قول الله تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ} صدق الله العظيم [الزمر:54].

    إذاً شرط هدى القلب من الرب هو الإنابة من عند الإنسان كون الله يهدي إليه من ينيب إلى ربه ليهدي قلبه. تصديقاً لقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ} صدق الله العظيم [الرعد:27].

    فاتقوا الله يا أولي الألباب، وأقسمُ بالله العظيم الذي لا إله غيره لا يطّلع على بياني هذا إنسانٌ ولا جانٌ من أولي الألباب إلا هدى الله قلوبهم إلى الحقّ من ربهم كون الله لم يهدِ من عباده إلا أولو الألباب المتفكرين الذين يستخدمون عقولهم بالتفكر وتدبر القول وليس أصحاب الاتّباع الأعمى. وقال الله تعالى:
    {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُواْ ٱلْقَوْلَ أَمْ جَآءَهُمْ مَّا لَمْ يَأْتِ ءَابَآءَهُمُ ٱلاٌّوَّلِينَ} صدق الله العظيم [المؤمنون:68].

    وإنّما تدبر القول هو التفكر في منطق الداعية وسلطان علمه الذي يحاج الناس به فهل هو الحقّ من ربّه أم إن قوله لا يقبله العقل والمنطق كون الباطل لا يقبله العقل دائماً وأما الحق فدائماً لا يختلف مع العقل والمنطق، ولذلك لن تجدوا في الكتاب أنّ الله هدى من عباده إلا أولي الألباب في كل زمانٍ ومكانٍ، وهم الذين لا يحكمون على الداعية من قبل أن يسمعوا إلى سلطان علمه هل يقبله العقل والمنطق فإذا كان هو الحق من ربهم فحتماً سوف ترضخ له عقولهم وتسلم تسليماً إنه الحقّ، إذاً لن يهدِ الله من كافة عباده إلا أولو الألباب المتفكرين بالعقل ولذلك قال الله تعالى:
    {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْءَانَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ} [محمد:24].
    {كِتَـٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ إِلَيْكَ مُبَـٰرَكٌ لِّيَدَّبَّرُوۤاْ ءَايَـٰتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو ٱلاٌّلْبَـٰبِ} [ص:29].
    {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُواْ ٱلْقَوْلَ أَمْ جَآءَهُمْ مَّا لَمْ يَأْتِ ءَابَآءَهُمُ ٱلاٌّوَّلِينَ} [المؤمنون:68].
    {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ‌ بِآيَاتِ رَ‌بِّهِ فَأَعْرَ‌ضَ عَنْهَا} [الكهف:57].
    {وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يٰرَبِّ إِنَّ قَوْمِى ٱتَّخَذُواْ هَـٰذَا ٱلْقُرْءاَنَ مَهْجُوراً} [الفرقان:30]
    صـــــدق الله العظيم

    ومن ثم يكرر لكم المهديّ المنتظَر القسم بالحقّ وما كان قسم كافرٍ ولا فاجرٍ؛ بل قسم المهديّ المنتظَر بالله العلي العظيم أن لن يتبع المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني إلا أولو الألباب لو حاورتكم مليون عاماً. تصديقاً لقول الله تعالى:
    {أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ ٱلْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَـٰبِ} صدق الله العظيم [الرعد:19].

    إذاً يا قوم إنّ الله لم يهدِ من عباده في كلّ زمانٍ ومكانٍ إلا أولي الألباب. تصديقاً لقول الله تعالى:
    {فَبَشِّرْ عِبَادِ ﴿١٧﴾ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿١٨﴾} صدق الله العظيم [الزمر].

    ولكن الذين هم أضلّ من الأنعام سبيلاً سوف ينبذ جميع آيات الكتاب وراء ظهره وكأنّه لم يسمعها ومن ثم يقول: "قال الله تعالى:
    {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} صدق الله العظيم [آل عمران:7]، فحسبنا ما وجدنا عليه السلف الصالح من أتباع النّبيّ تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} صدق الله العظيم [الحشر:7]، فحسبنا ما وجدنا عليه السلف الصالح الذين أخذوا عن النّبيّ مباشرة".

    ومن ثمّ يردّ عليه الإمام المهديّ وأقول: إني أراكم تقولون:
    {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} صدق الله العظيم، أفلا تفتوني من الذي أتى بهذا القرآن العظيم الذي يحاج به ناصر محمد اليماني؟ ألم يأتِ به محمد رسول الله خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وآله وسلم؟ ولو كنتم تريدون الحقّ لما افتريتم على الله أنه أفتاكم إنه لا يعلمُ بتأويل القرآن العظيم إلا الله سبحانه عما تفترون عليه بغير الحقّ فلم يقل ذلك بل ذلك قولكم من عند أنفسكم افتراءً على الله.

    ولربّما يودّ أحد الذين لا يعقلون أن يقاطعني فيقول: "مهلاً يا ناصر محمد ألم يقل الله تعالى:
    {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} صدق الله العظيم؟". ومن ثمّ يردّ عليه الإمام المهديّ وأقول: فما ظنّك بقول الله تعالى: {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ} صدق الله العظيم؟ فهل ترى إنّ هذا قول لا يعلم بتأويله إلا الله؟ ومن ثمّ يكون ردّ علينا فيقول: "بل هذه آيةٌ واضحةٌ يشهدُ الله لنفسه بالحقّ إنه لا إله غيره في الوجود كله". ومن ثمّ يردّ عليه الإمام المهديّ وأقول: إذاً فلماذا تفترون على الله أنه قال إنه لا يعلمُ بتأويل القرآن إلا الله وأنتم تعلمون إنّه إنما يقصد المتشابه في القرآن فقط لا يعلم بتأويله إلا الله والمتشابه كلمات قليلة في القرآن ومعظم كلمات القرآن العظيم محكمات بيّنات بنسبة 90% من كلمات القرآن محكمات وبنسبة 10% الآيات المتشابهات فيهنّ تشابه لفظي في منطق اللسان مختلفات في البيان عن محكم القرآن كمثل قول الله تعالى: {فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ} صدق الله العظيم [البقرة:54].

    وهذه من الآيات المتشابهات وسوف تجدونها جاءت مخالفةً لآيةٍ محكمةٍ في الكتاب للعالم وعامة المسلمين في قول الله تعالى:
    {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَ‌حِيمًا ﴿٢٩﴾ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارً‌ا وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرً‌ا ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [النساء]

    فانظروا لهاتين الآيتين المتشابهتين إحداهنّ في ظاهرها مخالفة للعقل والمنطق، فكيف يأمر الله عباده أن يقتلوا أنفسهم ويفتيهم أنّ ذلك خيرٌ لهم عند بارئهم سبحانه وتعالى علواً كبيراً! فهل يقبل العقل والمنطق هذا بأنّ الله أمر بني إسرائيل أن يقتلوا أنفسهم فيقول:
    {فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ} صدق الله العظيم؟ فكيف يكون خيراً لهم عند بارئهم أن يرتكبوا ما حرّم الله عليهم أن يقتلوا أنفسهم في محكم الكتاب في قول الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَ‌حِيمًا ﴿٢٩﴾ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارً‌ا وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرً‌ا ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم؟ إذاً يا قوم لا ينبغي أن يكون تناقضاً في كتاب الله القرآن العظيم فلا بد إن إحدى هاتين الآيتين من المتشابه فأيهم يقر العقل إنها محكمة؟ وسوف تجدون فتوى عقولكم مباشرة تفتيكم عن الآية المحكمة التي يقبلها العقل والمنطق وهو قول الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَ‌حِيمًا ﴿٢٩﴾ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارً‌ا وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرً‌ا ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم.

    ولربّما يودّ أحد أحبتي في الله الأنصار السابقين الأخيار أن يقول: "يا إمامي وحبيب قلبي يا من هديتني إلى ربي أفلا تُفْتِنا عن كلمة التشابه بالضبط بين هاتين الآيتين؟". ومن ثمّ يردّ عليه الإمام المهديّ وأقول: يا قرة عين الإمام المهديّ إن كلمة التشابه بين هاتين الآيتين هو بالضبط قوله تعالى:
    {أَنْفُسَكُمْ}، ولسوف نقوم بتكبير هذه الكلمة في الآيتين وقال الله تعالى: {فَاقْتُلُواأَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ}، وقال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَ‌حِيمًا ﴿٢٩﴾ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارً‌ا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرً‌ا ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم، فأمّا قول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ} أي: اقتلوا بعضكم بعضاً للدفاع عن دينكم وأرضكم. تصديقاً لقول الله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} صدق الله العظيم [الحج:40].

    وإنما يقصد أن يجاهدوا في سبيل الله لقتل المفسدين في الأرض الذين يبغون على الناس بغير الحقّ إلا أن يقولوا ربنا الله فينقم منهم المجرمون، ولذلك أمركم الله بقتال وقتل المعتدين. تصديقاً لقول الله تعالى:
    {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُ‌جُوا مِن دِيَارِ‌كُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرً‌ا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴿٦٦﴾ وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرً‌ا عَظِيمًا ﴿٦٧﴾ وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَ‌اطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿٦٨﴾ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَالرَّ‌سُولَ فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَ‌فِيقًا ﴿٦٩﴾ ذَٰلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّـهِ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ عَلِيمًا ﴿٧٠﴾} صدق الله العظيم [النساء].

    ولكن الذي غرّكم في الآية هو قول الله تعالى
    {أَنْفُسَكُمْ}، ولذلك أفتيناكم أنه يقصد في هذا الموضع أي بعضكم بعضاً، كمثل قول الله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون}صدق الله العظيم [النور:61].

    أي فسلّموا على بعضكم بعضاً. تصديقاً لقول الله تعالى:
    {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون} صدق الله العظيم [النور:61].

    وتبيّن لكم إنّه يقصد بقوله:
    {فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} أي: فسلموا على بعضكم بعضاً وهي تحية الإسلام بين المؤمنين إلى بعضهم بعضاً. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} صدق الله العظيم [النساء:86].

    فأمّا التحية من الله الطيبة فهي حين تدخلوا بيوت بعضكم بعضاً فتقولون: (السلام عليكم ورحمة الله). وأما قول الله تعالى:
    {فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ} وهي قولكم: (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته)، أو أضعف الإيمان ردوها فإن حياكم أحدٌ وقال: (السلام عليكم) فأضعف الإيمان إذا لم تردوا بأحسن منها فردّوها فتقولون: (وعليكم السلام). وأما إذا قال صاحب التحية لكم: (السلام عليكم ورحمة الله) فإذا لم تحييوا بأحسن منها فأضعف الإيمان ردّوها فتقولوا: (وعليكم السلام ورحمة الله). وليس من الأخلاق أن يحييكم أحدٌ فيقول: (السلام عليكم ورحمة الله) ثم تردون عليه بأنقص منها فتقولون (وعليكم السلام) برغم إنه قال (السلام عليكم ورحمة الله)، فإذا سمعك تردّ عليه فتقول: وعليكم السلام، فلربما يرجع من باب دارك كونه سوف يصير في نفسه شيء وكأنه ليس مرغوباً لديك دخوله البيت بسبب إنّه حياك وقال: (السلام عليكم ورحمة الله) ولم ترد أضعف الإيمان تحيته بمثلها بل بأنقص منها مما سوف يصير في نفس أخيك الزائر شيء فيهجر زيارتك إلى دارك، ولكن حين يسمعك ترد تحيته بخير منها فتقول: (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته) سوف يطيب نفساً إنك سررت بقدومه ومرحباً به. ولو إن هذا الموضوع لم يكن هو الموضوع المقصود وإنما عرجنا على بيان التحية نظراً لأنه جاء ما يخصها لكي نستنبط منه أنه يأتي في مواضع يقصد بقوله تعالى: {أَنفُسِكُمْ} أي بني جنسكم، كمثل قول الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} صدق الله العظيم [التوبة:128] ؛ والمقصود بقوله {مِنْ أَنْفُسِكُمْ} أي من بني جنسكم.

    ويا أحبتي في الله إنّ الإمام المهديّ لَقادر أن يختصر في بيانات الذكر ولكنّنا نجعل كل بيان موسوعة علميّة، وذلك حتى يقتبس الأنصار ردّهم من البيانات على السائلين والتعب والمشقة هي على كاتبها وأما القراءة فهي أهون من الكتابة بكثير، فاجهدوا أنفسكم بالقراءة للبيان الحقّ للقرآن العظيم ليزيدكم الله علماً وكونوا من الشاكرين.

    وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
    أخوكم؛ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
    ــــــــــــــــــــ

    اضغط هنا لقراءة البيان المقتبس..


    اقتباس
    فانظروا لقول الله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّـهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} صدق الله العظيم، أيْ فسلِّموا على أنفسكم أيْ: يُسلِّمون على بعضهم بعضاً من بني جنسهم، وليس أنه يقول للحمار أو البقرة السلام عليكم لأنها لن تفطن لغته بل السلام على أهل البيت الذين دخلتم إلى بيوتهم من أنفسكم فيردّون (السلام عليكم) بأحسن منها، فيقول أهل البيت (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته) أو يردّونها فيقولون (وعليكم السلام) تصديقاً لقول الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ﴿٨٦﴾} صدق الله العظيم [النساء].

    اقتباس المشاركة 4689 من موضوع البَيانُ الحَقّ لهذه الآية المُتشابِهة في الكتاب في قول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ}. ومقارنةٌ بين تفاسير عُلماء المُسلمين وبين تفسير صاحِب عِلْم الكِتاب ..

    الإمام المهديّ ناصر محمد اليمانيّ
    04 - شوّال - 1430 هـ
    23 - 09 - 2009 مـ
    10:40 مساءً
    (بحسب التّقويم الرَّسمي لأم القُرى)
    ________



    البَيانُ الحَقّ لهذه الآية المُتشابِهة في الكتاب في قول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ}.
    ومقارنةٌ بين تفاسير عُلماء المُسلمين وبين تفسير صاحِب عِلْم الكِتاب ..



    اقتباس المشاركة :
    السلام عليكم، بسم الله الرحمن الرحيم، سيدى الإمام ناصر محمد اليمانيّ ماهو البيان الحقّ لقوله تعالى:
    {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَ‌حِيمًا ﴿٢٩﴾ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارً‌ا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرً‌ا ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [النساء]
    انتهى الاقتباس

    وإليك البيانُ الحَقّ لِهَذه الآية المُتشابِهة في الكتاب في قول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ} صدق الله العظيم [البقرة:54]، فظننتم أنَّ الذي يُريد أن يتوب مِن بني إسرائيل فعليه بقَتْل نفسه! وإنَّكم لخاطِئون، فكيف تكون التّوبة إلى الله بأنْ ييأس من رحمته فيقوم بقتل نفسه فيرتكب إثمًا من أعظم آثام الكتاب المُحرَّمة في جميع الكُتُب السماويّة (أن يقتل الإنسان نفسه)؟! تصديقًا لقول الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿٢٩﴾ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [النساء]، بمعنى أن قتل النفس هو اليأسُ من رحمة الله، فكيف تجعلونه التّوبة إلى الله الذي وعد التائبين برحمته أن يغفر لهم ذنوبهم جميعاً إنّه هو الغفور الرحيم؟!

    ونعود لبيان الآية المُتشابِهة في قول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴿٥٤﴾} صدق الله العظيم [البقرة]، ووَجهُ التشابه فيها هو قول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ} صدق الله العظيم. فأمّا التَّوبة في هذه الآية فهي مِن المُحكَمات في قول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ} صدق الله العظيم، ومن ثمّ حرقه ونبذه في اليمّ فنسفه نسفًا، ثمّ علموا أنّهم ظلموا أنفسهم فتابوا إلى بارئهم فتاب الله عليهم وعفا عنهم تصديقًا لقول الله تعالى: {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ ﴿٥١﴾ ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿٥٢﴾} صدق الله العظيم [البقرة].

    ونأتي الآن لبيان المُتشابِه في قول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ} صدق الله العظيم، وإنَّما يقصد الله أن يقتل بعضهم بعضًا فيَدفع بعضَهم ببعضٍ لِمَنع الفساد في الأرض تصديقًا لقول الله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّـهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴿٤٠﴾} صدق الله العظيم [الحج].

    ولكنَّه غَرّكم يا معشر عُلماء المُسلِمين وَجهُ التشابه في قول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ}، وإنَّما يقصد بأنفسهم أيْ بعضهم بعضًا، وقال الله تعالى: {لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ ۚ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا ۚ فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّـهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿٦١﴾} صدق الله العظيم [النور].

    فانظُروا لقول الله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّـهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} صدق الله العظيم، أيْ فَسَلِّموا على أنفسكم أيْ: يُسَلِّم على بعضهم بعضٌ من بني جنسهم. وليس أنه يقول للحمار أو البقرة: "السلام عليكم" لأنها لن تفطن لغته! بل السَّلام على أهل البيت الذين دخلتم إلى بيوتهم من أنفسكم فيردّون (السَّلام عليكم) بأحسن منها، فيقول أهل البيت: "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته" أو يردّونها فيقولون: "وعليكم السلام" تصديقًا لقول الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ﴿٨٦﴾} صدق الله العظيم [النساء].

    وذلك هو البيان لقول الله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّـهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} صدق الله العظيم، وتبيّن لنا المقصود من قوله تعالى: {فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ}، أي: يُسَلِّم على بعضهم بعضٌ.

    وكذلك قول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ}، أي: يقتل بعضهم بعضًا للجهاد في سبيل الله، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّـهِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّـهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّـهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ﴿٦٤﴾ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴿٦٥﴾ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ۖ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴿٦٦﴾ وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا ﴿٦٧﴾ وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿٦٨﴾ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقًا ﴿٦٩﴾ ذَٰلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّـهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ عَلِيمًا ﴿٧٠﴾} صدق الله العظيم [النساء].

    فانظروا للنتيجة: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ۖ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴿٦٦﴾ وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا ﴿٦٧﴾ وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿٦٨﴾ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقًا ﴿٦٩﴾ ذَٰلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّـهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ عَلِيمًا ﴿٧٠﴾} صدق الله العظيم.

    إذًا أصبح الحقّ واضحًا وجليًّا بالمقصود من قول الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم}، وهو: الدفاع عن ديارهم وعرضهم وأرضهم من المعتدين عليهم.

    وأمّا قول الله تعالى: {أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم}، وذلك الخروج للجهاد في سبيل الله لقتال المفسدين في الأرض وإعلاء كلمة الله.

    ومن ثمّ انظروا لقول الله تعالى: {مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ۖ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴿٦٦﴾ وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا ﴿٦٧﴾ وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿٦٨﴾ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقًا ﴿٦٩﴾ ذَٰلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّـهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ عَلِيمًا ﴿٧٠﴾} صدق الله العظيم.

    ثم انظروا لقاتل نفسه: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿٢٩﴾ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [النساء].

    أفلا ترون يا معشر علماء الأُمَّة أنَّكم لا تعلمون البيان الحقّ للمُتشابِه من القرآن فظننتم أن المقصود مِن قول الله تعالى: {فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} صدق الله العظيم [البقرة:54]؛ فظننتم أنّهُ يأمرهم بقتل أنفسهم؟! فكيف يقول: {ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}؟ أفلا تعقلون؟! فكيف تَتَّبِعون المُتشابِه مِن القُرآن والذي لا يزال بحاجةٍ للراسخين في العِلم أن يأتوا لكم بتأويله؟ ولم يأمركم الله بتأويله؛ بل أمركم بالإيمان به حتى يبعث الله لكم إمامًا كريمًا يأتي لكم بتأويله، وأمَركم الله بالاستمساك والاتّباع لآيات الكتاب المُحكمات البيّنات هُنّ أُمّ الكتاب التي بيَّن الله لكم فيهم الحَلال والحرام مثال قول الله تعالى - ومن ثمّ انظروا لقاتل نفسه - : {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿٢٩﴾ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم.

    فما لكم وللمُتشابِه من القرآن؟! ولم يأمركم الله إلَِّا بالإيمان به بأنّه كذلك مِن عند الله، ولا يعلم تأويله إلَّا الله فيُعَلِّمه لِمَن يشاء من عباده المُصطَفَيْن أئمةً للمسلمين إن وُجِدوا، وإذا لا يُوجَد فيكم إمامٌ حَكَمٌ عَدلٌ بالقول الفَصل فيما كنتم فيه تختلفون فاتركوا الاختلاف في المتشابه واتَّفِقوا على الإيمان به ثمّ استمسكوا بمُحكَم الكتاب في آياته المُحكَمات البيّنات هُنّ أمّ الكتاب مَن زاغ عَنهن واتَّبع ظاهر المُتشابِه مِن القرآن فقد غَوى وهَوى وكأنّما خَرّ مِن السماء فتخطفه الطَّير أو تهوي به الرِّيح إلى مكانٍ سَحيقٍ في نار جهنَّم الأرض السَّابعة مِن بعد أرضكم، وهل تدرون لماذا؟ وذلك لأن المُتشابِه مِن القرآن سوف تجدون ظاهره يُخالف مُحكَم القرآن تمامًا مثال قول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ} صدق الله العظيم [البقرة:54]، وقول الله تعالى - ومن ثمّ انظروا لقاتل نفسه - : {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿٢٩﴾ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [النساء].

    فانظروا في هاتين الآيتين؛ إحداهنّ من الآيات المُتشابِهات وهي قول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ} صدق الله العظيم، والأخرى من الآيات المُحكمات: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿٢٩﴾ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم.

    إذًا لو يَتَّبِعون ظاهر الآية المُتشابِهة لضَلُّوا ضلالًا بَعيدًا وظَنّ الذين لا يعلمون أنَّ التَّوبة للآثمين واليائسين مِن رحمة الله أن يقتلوا أنفسهم وأنَّ ذلك خيرٌ لهم عند بارئهم، ومن ثمّ يأتي بالدليل مِن ظاهر الآية المتشابهة: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ} صدق الله العظيم. ولكنه خالف أمر الله المُحكَم وازداد إثمًا بالإثم الأعظم فكان مصيره نار جهنَّم خالِدًا فيها، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿٢٩﴾ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم.

    فبالله عليكم لو سألتكم يا معشَر عُلماء الأٌمَّة عن قول الله تعالى؛ هل تعلمون البيان لقول الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ} صدق الله العظيم [التوبة:128]؟ لأجبتموني جميعًا وقُلتم: "أيْ جاءكم رسولٌ بَشرٌ مثلكم مِن ذات أنفسكم". ثمّ أردّ عليكم وأقول: إذًا لماذا ضللتم بفتواكم بأنَّ قول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ} صدق الله العظيم؛ أنه يقصد أن يقتلوا أنفسهم؟ ولم تعلموا أنه يقصد دفع البشر بعضهم ببعض تصديقًا لقول الله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّـهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴿٤٠﴾} صدق الله العظيم [الحج].

    وتصديقًا لقول الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ۖ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴿٦٦﴾ وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا ﴿٦٧﴾ وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿٦٨﴾ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقًا ﴿٦٩﴾ ذَٰلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّـهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ عَلِيمًا ﴿٧٠﴾} صدق الله العظيم [النساء].

    فانظروا لقول الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴿٦٦﴾ وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا ﴿٦٧﴾ وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿٦٨﴾} صدق الله العظيم، فكيف يُهدَى مِن بعد موته بقتل نفسه؟! أفلا تَتَّقون؟ فتدبَّروا وتفكَّروا في قول الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ۖ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴿٦٦﴾ وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا ﴿٦٧﴾ وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿٦٨﴾ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقًا ﴿٦٩﴾ ذَٰلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّـهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ عَلِيمًا ﴿٧٠﴾} صدق الله العظيم.

    ومنذ متى رُسلُ الله يأمرون النَّاس أن يقتلوا أنفسهم؟! حاشا لله، تالله ما أَمَرَ الإنسانَ بقتل نفسه إلَّا الشيطانُ مُخالفةً لأمر الرَّحمن، فهل تريدون أن تَتَّبِعوا أمْر الشيطان وتُعرِضوا عن أمْر الرَّحمن؟ أفلا تتقون يا معشر علماء الأمّة الذين يقولون على الله ما لا يعلمون ويحسبون أنَّهم مهتدون؟ ولم يجعل الله عليكم الحُجَّة في آيات الكِتاب المُتشابِهات، ولم يأمركم الله باتَّباعِها لأن ظاهرها يختلف عن تأويلها؛ بل ظاهرها يختلف عن العقل والمَنطِق ولذلك تجدون ظاهرها يُخالِف للآية المُحكَمة في الكِتاب وضربنا لكم على ذلك مَثلًا؛ قال الله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ} صدق الله العظيم، وهذه من الآيات المُتشابِهات تجدون ظاهرها يخالف العَقل والمَنطِق لأن بيانها غير ظاهرها، وبما أن ظاهرها يُخالِف العَقل والمَنطِق ولذلك حتمًا تجدون ظاهرها يُخالِف للآية المُحكَمة في الكِتاب في قول الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿٢٩﴾ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [النساء].

    ولَكِن الآيات المُحكمات ظاهرها كباطنها يُدرِكها كُلّ إنسانٍ ذي لسانٍ عَربيٍّ مُبينٍ لا يزيغ عمَّا جاء فيها إلَّا هالكٌ فينبذها وراء ظهره ثمّ يَتَّبِع المُتشابِه الذي لا يزال بحاجةٍ للتأويل، ولا يعلمُ بتأويل مُتشابه القرآن إلَّا الله ويُلهِمه لأئمة الكتاب ليجعله بُرهانَ الإمامة والقيادة، ولم يأمركم الله بتأويله بالظَنّ الذي لا يُغني من الحقّ شيئًا؛ بل أمركم الله بتركه لأهل الذِّكر إذا لم يزالوا فيكم أو للمهديّ المنتظَر إذا بعثه الله في قدره المَقدور في الكتاب المسطور في عَصر الحوار مِن قبل الظهور، وأمَر الله عُلماء المُسلمين وأمَّتهم أن لا يختلفوا في الدّين وأن يستمسكوا بآيات الكِتاب المُحكمات البيّنات لا يزيغ عمَّا جاء فيهنّ فيتَّبِع ظاهر المُتشابِه إلَّا مَن في قلبه زيغٌ عن الحقّ المُحكَم الواضِح والبَيِّن تصديقًا لقول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿٧﴾} صدق الله العظيم [آل عمران].

    ولَكِن للأسف إنَّ السُّنّة والشّيعة يُحَرِّفون كلام الله وهم يعلمون ويقولون أنّ القرآن لا يعلمُ تأويله إلا الله حين يأتي سُلطان العِلم من آياته المُحكمات البيّنات هُنّ أمّ الكتاب ثمّ يُعرضون عنه إذا كان مُخالِفًا لِما هم به مستمسكون، ثمّ يُعرِضون عنه ويحاجّون بقول الله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} صدق الله العظيم.

    ثم يردّ عليهم الإمام المهديّ: أفلا تتَّقون؟! ولكنكم تعلمون أنّ الله لم يقصد آياته المُحكَمات البيّنات من آيات أمّ الكتاب؛ بل يقصد الآيات المتشابهات فقط التي ظاهرهنّ غير تأويلهنّ ولذلك لا يعلمُ بتأويلهنّ إلَّا الله، أمّا الآيات المُحكمات فقد جعلهنّ الله هُنّ أمّ الكتاب وهي أغلب هذا الكتاب وبنسبة تسعين في المائة ولم يجعل الله الآيات المُتشابهات إلَّا بنسبة عشرةٍ في المائة أو أقلّ مِن عشرةٍ بالمائة، أفلا تتقون؟ فتدبَّروا يا معشر الباحثين عن الحقّ وحَكِّموا عقولكم؛ هل حقًّا يقصد القرآن أنهُ لا يعلم بتأويله إلَّا الله؟ أم إنه يقصد أنّ الذين في قلوبهم زيغٌ عن الحقّ يذرون اتّباع آيات الكتاب المُحكَمات البَيِّنات التي جعلهن الله هُن أُمّ الكتاب ثمّ يَتَّبِعون المُتشابِه ابتغاء البُرهان لأحاديث الفتنة وابتغاء تأويل المُتشابِه فيزعمون أنَّ حديثَ فتنةٍ موضوعٍ أنّه جاء بيانًا لهذه الآية المُتشابِهة التي لا تزال بحاجةٍ للتأويل فيزعمون أنَّ هذا الحديث جاء بيانًا لها برغم أن الحديث يخالف العقل والمنطق ويخالف لتأويل الآية المُتشابِهة ويُخالِف لآيات الكتاب المُحكَمات غير أنه يتطابق مع ظاهر الآية المُتشابِهة؟
    اقتباس المشاركة :
    بسم الله الرحمن الرحيم
    [ تفسير الشعراوي ]


    تفسير سورة البقرة - الآية: 54
    (وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلي بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم

    والآية الكريمة التي نحن بصددها هي تقريع من موسى عليه السلام لقومه .. الذين نجاهم الله من آل فرعون وأهلك عدوهم فاتخذوا العجل إلها .. ومتى حدث ذلك؟ في الوقت الذي كان موسى فيه قد ذهب لميقات ربّه ليأتي بالمنهج والذي اتخذوا العجل إلها .. هل ظلموا الله سبحانه وتعالى أو ظلموا أنفسهم؟ .. ظلموا أنفسهم لأنهم أوردّوها موردّ التهلكة دون أن يستفيدوا شيئاً .. والظالم على أنواع .. ظالم في شيء أعلى أي في القمة .. وظالم في مطلوب القمة .. الظالم في القمة هو الذي يجعل الله شريكا ولذلك قال الله تعالى:

    (إن الشرك لظلم عظيم)
    (من الآية 13 سورة لقمان)

    وعلاقة الشرك بالظلم أنك جئت بمن لم يخلق ومن لم يرزق شريكا لمن خلق ورزق .. وذلك الذي جعلته إلها كيف يعبد؟ .. العبادة طاعة العابد للمعبود .. فماذا قال لكم هذا العجل الذي عبدتموه من دون الله أن تفعلوا .. لذلك فأنتم ظالمون ظلم القمة .. والظلم الآخر هو الظلم فيما شرعت القمة بأن أخذتم حقوق النّاس واستبحتموها .. في كلتا الحالتين لا يقع الظلم على الله سبحانه وتعالى ولكن على نفسك. لماذا؟ .. لأنك آمنت بالله أو لم تؤمن. سيظل هو الله القوي القادر العزيز. لن ينقص إيمانك أو عدم إيمانك من ملكه شيئا. ثم تأتي يوم القيامة فيعذبك. فكأن الظلم وقع عليك .. وإذا أخذت حقوق النّاس فقد تتمتع بها أياما أو أسابيع أو سنوات ثم تموت وتتركها وتأخذ العذاب. فكأنك ظلمت نفسك ولم تأخذ شيئاً .. لذلك يقول الحقّ جل جلاله:

    (وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون)
    (من الآية 57 سورة البقرة)

    وظلم النّاس يعود على أنفسهم .. لأنه لا أحد من خلق الله يستطيع أن يظلم الله سبحانه وتعالى .. وقوله سبحانه "فتوبوا إلي بارئكم" .. الحقّ تبارك وتعالى قال في الآية السابقة "عفونا عنكم" ثم يقول هذه الآية "فتوبوا إلي بارئكم" .. لأن التّوبة هي أصل المغفرة. أنت تتوب عن فعلك للذنب وتعتزم ألا تعود لمثله أبدا ويقبل الله توبتك ويعفو عنك ..
    وقد كان من الممكن أن يأخذهم الله بهذا الذنب ويهلكهم كما حدث بالنسبة للأمم السابقة .. أما وقد شرع الله لهم أن يتوبوا فهذا فضل من الله وعفو ثم يقول الحقّ تبارك وتعالى: "فاقتلوا أنفسكم" .. فانظروا إلي دقة التكليف ودقة الحيثية في قوله تعالى:: "فتوبوا إلي بارئكم فاقتلوا أنفسكم" الله سبحانه وتعالى يقول لهم .. أنا لم أغلب عليكم خالقا خلقكم أو آخذكم منه .. ولكن أن الذي خلقتكم. ولكن الخالق شيء والبارئ شيء آخر .. خلق أي أوجد الشيء من عدم .. والبارئ أي سواه على هيئة مستقيمة وعلى أحسن تقويم .. ولذلك يقول الحقّ تبارك وتعالى:

    (الذي خلق فسوى "2" والذي قدر فهدى "3")
    (سورة الأعلى)

    ومن هنا نعرف أن الخلق شيء والتسوية شيء آخر .. بارئكم مأخوذة من برئ السهم .. وبرئ السهم يحتاج إلي دقة وبراعة. وقوله تعالى: "فاقتلوا أنفسكم" لأن الذي خلقك وسواك كفرت به وعبدت سواه. فكأنك في هذه الحالة لابد أن تعيد له الحياة التي وهبها لك .. وعندما نزل حكم الله تبارك وتعالى .. جعل موسى بني إسرائيل يقفون صفوفا. وقال لهم أن الذي لم يعبد العجل يقتل من عبده .. ولكنهم حين وقفوا للتنفيذ .. فرحمهم الله بأن بعث ضبابا يسترهم حتى لا يجدوا مشقة في تنفيذ القتل .. وقيل أنّهم قتلوا من أنفسهم سبعين ألفا. وعندما حدث ذلك أستصرخ موسى وهارون ربّهم .. وقالا البكية البكية. أي أبكوا عسى أن يغفر الله عنهم. ووقفوا يبكون أمام حائط المبكى فرحمهم الله..
    وقوله تعالى: "فاقتلوا أنفسكم" لأن هذه الأنفس بشهوتها وعصيانها .. هي التي جعلتهم يتمردّون على المنهج .. إن التشريع هنا بالقتل هو كفارة الذنب. لأن الذي عبد العجل واتخذ إلها آخر غير الله. كونه يقدم نفسه ليقتل فهذا اعتراف منه بأن العجل الذي كان يعبده باطل .. وهو بذلك يعيد نفسه التي تمردّت على منهج الله إلي العبادة الصحيحة .. وهذا أقسى أنواع الكفارة .. وهو أن يقتل نفسه إثباتا لإيمانه .. بأنه لا آله إلا الله وندما على ما فعل وإعلانا لذلك .. فكأن القتل هنا شهادة صادقة للعودة إلي الإيمان. وقوله تعالى "ذلكم خير لكم عند بارئكم" .. أي أن هذه التّوبة هي أصدق أنواع التّوبة .. وهي خير لأنها تنجيكم من عذاب الآخرة .. وقوله سبحانه "فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم". التّوبة الأولى أنه شرع لكم الكفارة .. والتّوبة الثانية عندما تقبل منكم توبتكم .. وعفا عنكم عفوا أبديا.
    --------------------------------


    بسم الله الرحمن الرحيم
    [ تفسير ابن كثير ]


    وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ

    هَذِهِ صِفَة تَوْبَته تَعَالَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل مِنْ عِبَادَة الْعِجْل قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ رَحِمَهُ اللَّه في قوله تعالى: " وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْم إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسكُمْ بِاِتِّخَاذِكُمْ الْعِجْل" فَقَالَ ذَلِكَ حِين وَقَعَ فِي قُلُوبهمْ مِنْ شَأْن عِبَادَتهمْ الْعِجْل مَا وَقَعَ حَتَّى قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهمْ وَرَأَوْا أنّهم قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمنَا رَبُّنَا وَيَغْفِر لَنَا " الْآية . قَالَ : فَذَلِكَ حِين يَقُول مُوسَى " يَا قَوْم إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسكُمْ بِاِتِّخَاذِكُمْ الْعِجْل " قَالَ أَبُو الْعَالِيَة وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَالرَّبِيع بْن أَنَس " فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ " أَيْ إِلَى خَالِقكُمْ قُلْت وَفِي قَوْله هَاهُنَا " إِلَى بَارِئِكُمْ " تَنْبِيه عَلَى عِظَم جُرْمهمْ أَيْ فَتُوبُوا إِلَى الَّذِي خَلَقَكُمْ وَقَدْ عَبَدْتُمْ مَعَهُ غَيْره. وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيّ وَابْن جَرِير وَابْن أَبِي حَاتِم مِنْ حَدِيث يَزِيد بْن هَارُون عَنْ الْأَصْبَغ بْن زَيْد الْوَرَّاق عَنْ الْقَاسم بْن أَبِي أَيُّوب عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : فَقَالَ اللَّه تَعَالَى : إِنَّ تَوْبَتهمْ أَنْ يَقْتُل كُلّ وَاحِد مِنْهُمْ مَنْ لَقِيَ مِنْ وَالِد وَوَلَد فَيَقْتُلهُ بِالسَّيْفِ وَلَا يُبَالِي مَنْ قَتَلَ فِي ذَلِكَ الْمَوْطِن فَتَابَ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَانُوا خَفِيَ عَلَى مُوسَى وَهَارُون مَا اِطَّلَعَ اللَّه عَلَى ذُنُوبهمْ فَاعْتَرَفُوا بِهَا وَفَعَلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ فَغَفَرَ اللَّه لِلْقَاتِلِ وَالْمَقْتُول وَهَذَا قِطْعَة مِنْ حَدِيث الْفُتُون وَسَيَأْتِي فِي سُورَة طه بِكَمَالِهِ إِنْ شَاءَ اللَّه . وَقَالَ اِبْن جَرِير : حَدَّثَنِي عَبْد الْكَرِيم بْن الْهَيْثَم حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن بَشَّار حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة قَالَ : قَالَ أَبُو سَعِيد عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ تُوبُوا إِلَى بَارِئكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ ذَلِكُمْ خَيْر لَكُمْ عِنْد بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّاب الرَّحِيم . قَالَ أمر مُوسَى قَوْمه عَنْ أمر ربّه عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْتُلُوا أَنْفُسهمْ قَالَ : وَأَخْبَرَ الَّذِينَ عَبَدُوا الْعِجْل فَجَلَسُوا وَقَامَ الَّذِينَ لَمْ يَعْكُفُوا عَلَى الْعِجْل فَأَخَذُوا الْخَنَاجِر بِأَيْدِيهِمْ وَأَصَابَتْهُمْ ظُلْمَة شَدِيدَة فَجَعَلَ يَقْتُل بَعْضهمْ بَعْضًا فَانْجَلَتْ الظُّلْمَة عَنْهُمْ وَقَدْ جَلَوْا عَنْ سَبْعِينَ أَلْف قَتِيل كُلّ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ كَانَ لَهُ تَوْبَة وَكُلّ مَنْ بَقِيَ كَانَتْ لَهُ تَوْبَة. وَقَالَ اِبْن جَرِير : أَخْبَرَنِي الْقَاسم بْن أَبِي بَرَّة أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيد بْن جُبَيْر وَمُجَاهِدًا يَقُولَانِ في قوله تعالى:" فَاقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ " قَالَا : قَالَ بَعْضهمْ إِلَى بَعْض بِالْخَنَاجِرِ يَقْتُل بَعْضهمْ بَعْض لَا يَحْنُو رَجُل عَلَى قَرِيب وَلَا بَعِيد حَتَّى أَلَوَى مُوسَى بِثَوْبِهِ فَطَرَحُوا مَا بِأَيْدِيهِمْ فَكُشِفَ عَنْ سَبْعِينَ أَلْف قَتِيل وَأَنَّ اللَّه أَوْحَى إِلَى مُوسَى أَنْ حَسْبِي فَقَدْ اِكْتَفَيْت فَذَلِكَ حِين أَلَوَى مُوسَى بِثَوْبِهِ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ نَحْو ذَلِكَ وَقَالَ قَتَادَة : أمر الْقَوْم بِشَدِيدٍ مِنْ الْأَمْر فَقَامُوا يَتَنَاحَرُونَ بِالشِّفَارِ يَقْتُل بَعْضهمْ بَعْضًا حَتَّى بَلَغَ اللَّه فِيهِمْ نِقْمَته فَسَقَطَتْ الشِّفَار مِنْ أَيْدِيهمْ فَأَمْسَكَ عَنْهُمْ الْقَتْل فَجَعَلَ لِحَيِّهِمْ تَوْبَة وَلِلْمَقْتُولِ شَهَادَة . وَقَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ : أَصَابَتْهُمْ ظُلْمَة حِنْدِس فَقَتَلَ بَعْضهمْ بَعْضًا ثُمَّ اِنْكَشَفَ عَنْهُمْ فَجَعَلَ تَوْبَتهمْ فِي ذَلِكَ وَقَالَ السُّدِّيّ : فِي قَوْله " فَاقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ " قَالَ فَاجْتَلَدَ الَّذِينَ عَبَدُوهُ وَاَلَّذِينَ لَمْ يَعْبُدُوهُ بِالسُّيُوفِ فَكَانَ مَنْ قُتِلَ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ شَهِيدًا حَتَّى كَثُرَ الْقَتْل حَتَّى كَادُوا أَنْ يَهْلِكُوا حَتَّى قُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا وَحَتَّى دَعَا مُوسَى وَهَارُون رَبّنَا أَهْلَكْت بَنِي إِسْرَائِيل رَبّنَا الْبَقِيَّة الْبَقِيَّة فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُلْقُوا السِّلَاح وَتَابَ عَلَيْهِمْ فَكَانَ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ شَهِيدًا وَمَنْ بَقِيَ مُكفراً عَنْهُ فَذَلِكَ قَوْله " فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّاب الرَّحِيم " وَقَالَ الزُّهْرِيّ : لَمَّا أُمِرْت بَنُو إِسْرَائِيل بِقَتْلِ أَنْفُسهمْ بَرَزُوا وَمَعَهُمْ مُوسَى فَاضْطَرَبُوا بِالسُّيُوفِ وَتَطَاعَنُوا بِالْخَنَاجِرِ وَمُوسَى رَافِع يَدَيْهِ حَتَّى إِذَا فَتَرَ بَعْضهمْ قَالُوا يَا نَبِيّ اللَّه اُدْعُ اللَّه لَنَا وَأَخَذُوا بِعَضُدَيْهِ يُسْنِدُونَ يَدَيْهِ فَلَمْ يَزَلْ أَمْرهمْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى إِذَا قَبِلَ اللَّه تَوْبَتهمْ قَبَضَ أَيْدِيهمْ بَعْضهمْ عَنْ بَعْض فَأَلْقَوْا السِّلَاح وَحَزِنَ مُوسَى وَبَنُو إِسْرَائِيل لِلَّذِي كَانَ مِنْ الْقَتْل فِيهِمْ فَأَوْحَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِلَى مُوسَى مَا يُحْزِنك أَمَّا مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ فَحَيّ عِنْدِي يُرْزَقُونَ وأمّا مَنْ بَقِيَ فَقَدْ قَبِلْت تَوْبَته فَسرّبِذَلِكَ مُوسَى وَبَنُو إِسْرَائِيل رَوَاهُ اِبْن جَرِير بِإِسْنَادٍ جَيِّد عَنْهُ . وَقَالَ : اِبْن إِسْحَاق لَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمه وَأَحْرَقَ الْعِجْل وَذَرَّاهُ في اليم خَرَجَ إِلَى ربّه بِمَنْ اِخْتَارَ مِنْ قَوْمه فَأَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَة ثُمَّ بُعِثُوا فَسَأَلَ مُوسَى ربّه التّوبة لِبَنِي إِسْرَائِيل مِنْ عِبَادَة الْعِجْل فَقَالَ : لَا إِلَّا أَنْ يَقْتُلُوا أَنْفُسهمْ قَالَ : فَبَلَغَنِي أنّهم قَالُوا لِمُوسَى نَصْبِر لِأَمْرِ اللَّه فَأَمَرَ مُوسَى مَنْ لَمْ يَكُنْ عَبَدَ الْعِجْل أَنْ يَقْتُل مَنْ عَبَدَهُ فَجَلَسُوا بِالْأَفْنِيَةِ وَأَصْلَت عَلَيْهِمْ الْقَوْم السُّيُوف فَجَعَلُوا يَقْتُلُونَهُمْ فَهَشَّ مُوسَى فَبَكَى إِلَيْهِ النِّسَاء وَالصِّبْيَان يَطْلُبُونَ الْعَفْو عَنْهُمْ فَتَابَ اللَّه عَلَيْهِمْ وَعَفَا عَنْهُمْ وَأَمَرَ مُوسَى أَنْ تُرْفَع عَنْهُمْ السُّيُوف وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ لَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمه وَكَانُوا سَبْعِينَ رَجُلًا قَدْ اِعْتَزَلُوا مَعَ هَارُون الْعِجْل لَمْ يَعْبُدُوهُ فَقَالَ : لَهُمْ مُوسَى اِنْطَلِقُوا إِلَى مَوْعِد ربّكم فَقَالُوا يَا مُوسَى مَا مِنْ تَوْبَة قَالَ بَلَى : اُقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ ذَلِكُمْ خَيْر لَكُمْ عِنْد بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ - الْآية فَاخْتَرَطُوا السُّيُوف وَالْجَزَرَة وَالْخَنَاجِر وَالسَّكَاكِين . قَالَ : وَبَعَثَ عَلَيْهِمْ ضَبَابَة قَالَ فَجَعَلُوا يَتَلَامَسُونَ بِالْأَيْدِي وَيَقْتُل بَعْضهمْ بَعْضًا قَالَ : وَيَلْقَى الرَّجُل أَبَاهُ وَأَخَاهُ فَيَقْتُلهُ وَهُوَ لَا يَدْرِي . قَالَ وَيَتَنَادَوْنَ فِيهَا رَحِمَ اللَّه عَبْدًا صَبَرَ نَفْسه حَتَّى يَبْلُغ اللَّه رِضَاهُ قَالَ فَقَتْلَاهُمْ شُهَدَاء وَتِيبَ عَلَى أَحْيَائِهِمْ ثُمَّ قَرَأَ " فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّاب الرَّحِيم " .
    -----------------------------------


    بسم الله الرحمن الرحيم
    [ تفسيرالقرطبي ]


    الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ

    لَمَّا قَالَ لَهُمْ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ قَالُوا كَيْف ؟ قَالَ " فَاقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ " قَالَ أَرْبَاب الْخَوَاطِر ذَلِّلُوهَا بِالطَّاعَاتِ وَكُفُّوهَا عَنْ الشَّهَوَات وَالصَّحِيح أَنَّهُ قَتْل عَلَى الحقّيقَة هُنَا , وَالْقَتْل إِمَاتَة الْحَرَكَة وَقَتَلْت الْخَمْر كَسَرْت شِدَّتهَا بِالْمَاءِ قَالَ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة التّوبة نِعْمَة مِنْ اللَّه أَنْعَمَ اللَّه بِهَا عَلَى هَذِهِ الأمّة دُون غَيْرهَا مِنْ الْأُمَم وَكَانَتْ تَوْبَة بَنِي إِسْرَائِيل الْقَتْل وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُؤْمَر كُلّ وَاحِد مِنْ عَبَدَة الْعِجْل بِأَنْ يَقْتُل نَفْسه بِيَدِهِ قَالَ الزُّهْرِيّ لَمَّا قِيلَ لَهُمْ " فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ " قَامُوا صَفَّيْنِ وَقَتَلَ بَعْضهمْ بَعْضًا حَتَّى قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا فَكَانَ ذَلِكَ شَهَادَة لِلْمَقْتُولِ وَتَوْبَة لِلْحَيِّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ , وَقَالَ بَعْض الْمُفَسِّرِينَ : أَرْسَلَ اللَّه عَلَيْهِمْ ظَلَامًا فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَقِيلَ : وَقَفَ الَّذِينَ عَبَدُوا الْعِجْل صَفًّا وَدَخَلَ الَّذِينَ لَمْ يَعْبُدُوهُ عَلَيْهِمْ بِالسِّلَاحِ فَقَتَلُوهُمْ وَقِيلَ قَامَ السَّبْعُونَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ مُوسَى فَقَتَلُوا - إِذْ لَمْ يَعْبُدُوا الْعِجْل - مَنْ عَبَدَ الْعِجْل وَيُرْوَى أَنَّ يُوشَع بْن نُون خَرَجَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ مُحْتَبُونَ فَقَالَ مَلْعُون مَنْ حَلَّ حَبْوَته أَوْ مَدَّ طَرَفه إِلَى قَاتِله أَوْ اِتَّقَاهُ بِيَدٍ أَوْ رِجْل فَمَا حَلَّ أَحَد مِنْهُمْ حَبْوَته حَتَّى قُتِلَ مِنْهُمْ يَعْنِي مَنْ قُتِلَ , وَأَقْبَلَ الرَّجُل يَقْتُل مَنْ يَلِيهِ ذِكْره النَّحَّاس وَغَيْره , وَإنّما عُوقِبَ الَّذِينَ لَمْ يَعْبُدُوا الْعِجْل بِقَتْلِ أَنْفُسهمْ عَلَى الْقَوْل الْأَوَّل ; لِأَنَّهُمْ لَمْ يُغَيِّرُوا الْمُنْكَر حِين عَبَدُوهُ , وَإنّما اِعْتَزَلُوا وَكَانَ الْوَاجِب عَلَيْهِمْ أَنْ يُقَاتِلُوا مَنْ عَبَدَهُ , وَهَذِهِ سُنَّة اللَّه فِي عِبَاده إِذَا فَشَا الْمُنْكَر , وَلَمْ يُغَيَّر عُوقِبَ الْجَمِيع رَوَى جَرِير قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صلّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا مِنْ قَوْم يَعْمَل فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي هُمْ أَعَزّ مِنْهُمْ وَأَمْنَع لَا يُغَيِّرُونَ إِلَّا عَمَّهُمْ اللَّه بِعِقَابٍ) أَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ فِي سُنَنه , وَسَيَأْتِي الْكَلَام فِي هَذَا الْمَعْنَى إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى فَلَمَّا اِسْتَحَرَّ فِيهِمْ الْقَتْل , وَبَلَغَ سَبْعِينَ أَلْفًا عَفَا اللَّه عَنْهُمْ قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَعَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا , وَإنّما رَفَعَ اللَّه عَنْهُمْ الْقَتْل لِأَنَّهُمْ أَعْطَوْا الْمَجْهُود فِي قَتْل أَنْفُسهمْ فَمَا أَنْعَمَ اللَّه عَلَى هَذِهِ الأمّة نِعْمَة بَعْد الْإِسْلَام هِيَ أَفْضَل مِنْ التّوبة , وَقَرَأَ قَتَادَة فَأَقِيلُوا أَنْفُسكُمْ مِنْ الْإِقَالَة أَيْ اِسْتَقْبِلُوهَا مِنْ الْعَثْرَة بِالْقَتْلِ " بَارِئِكُمْ " الْبَارِئ الْخَالِق وَبَيْنَهُمَا فَرْق , وَذَلِكَ أَنَّ الْبَارِئ هُوَ الْمُبْدِع الْمُحْدِث وَالْخَالِق هُوَ الْمُقَدِّر النَّاقِل مِنْ حَال إِلَى حَال وَالْبَرِيَّة الْخَلْق , وَهِيَ فَعِيلَة بِمَعْنَى مَفْعُولَة غَيْر أَنَّهَا لَا تُهْمَز وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو " بَارِئْكُمْ " بِسُكُونِ الْهَمْزَة وَيُشْعِركُمْ وَيَنْصُركُمْ وَيأمركم وَاختلف النُّحَاة فِي هَذَا فَمِنْهُمْ مَنْ يُسَكِّن الضَّمَّة وَالْكَسْرَة فِي الْوَصْل , وَذَلِكَ فِي الشِّعْر وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس الْمُبَردّ : لَا يَجُوز التَّسْكِين مَعَ تَوَالِي الْحَرَكَات فِي حَرْف الْإِعْرَاب فِي كَلَام وَلَا شِعْر وَقِرَاءَة أَبِي عَمْرو لَحْن قَالَ النَّحَّاس وَغَيْره : وَقَدْ أَجَازَ ذَلِكَ النَّحْوِيُّونَ الْقُدَمَاء الْأَئِمَّة وَأَنْشَدُوا إِذَا اِعْوَجَجْن قُلْت صَاحِب قَوِّم بِالدَّوِّ أَمْثَال السَّفِين الْعُوَّم وَقَالَ اِمْرُؤُ الْقَيْس فَالْيَوْم أَشْرَبْ غَيْر مُسْتَحْقِب إِثْمًا مِنْ اللَّه وَلَا وَاغِل وَقَالَ آخَر قَالَتْ سُلَيْمَى اِشْتَرِ لَنَا سَوِيقًا وَقَالَ الْآخَر رُحْت وَفِي رِجْلَيْك مَا فِيهِمَا وَقَدْ بَدَا هَنْك مِنْ الْمِئْزَر فَمَنْ أَنْكَرَ التَّسْكِين فِي حَرْف الْإِعْرَاب فَحُجَّته أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوز مِنْ حَيْثُ كَانَ عِلْمًا لِلْإِعْرَابِ قَالَ أَبُو عَلِيّ وأمّا حَرَكَة الْبِنَاء فَلَمْ يَخْتَلِف النُّحَاة فِي جَوَاز تَسْكِينهَا مَعَ تَوَالِي الْحَرَكَات , وَأَصْل بَرَأَ مِنْ تَبَرِّي الشَّيْء مِنْ الشَّيْء , وَهُوَ اِنْفِصَاله مِنْهُ فَالْخَلْق قَدْ فُصِلُوا مِنْ الْعَدَم إِلَى الْوُجُود وَمِنْهُ بَرَأْت مِنْ الْمَرَض بَرْءًا (بِالْفَتْحِ) كَذَا يَقُول أهل الْحِجَاز وَغَيْرهمْ يَقُول بَرِئْت مِنْ الْمَرَض بُرْءًا (بِالضَّمِّ) وَبَرِئْت مِنْك وَمِنْ الدُّيُون وَالْعُيُوب بَرَاءَة وَمِنْهُ الْمُبَارَأَة لِلْمَرْأَةِ وَقَدْ بَارَأَ شَرِيكه وَامْرَأَته

    بَارِئِكُمْ فَتَابَ

    فِي الْكَلَام حَذْف تَقْدِيره فَفَعَلْتُمْ " فَتَابَ عَلَيْكُمْ " أَيْ فَتَجَاوَزَ عَنْكُمْ أَيْ عَلَى الْبَاقِينَ مِنْكُمْ .

    عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ

    وَصَفَ نَفْسه سُبْحَانه وَتَعَالَى بِأَنَّهُ التَّوَّاب وَتَكَرَّرَ فِي القرآن مُعَرَّفًا وَمُنَكَّرًا وَاسْمًا وَفِعْلًا وَقَدْ يُطْلَق عَلَى الْعَبْد أَيْضًا تَوَّاب قَالَ اللَّه تَعَالَى " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبّ الْمُتَطَهِّرِينَ " [ الْبَقَرَة : 222 ] قَالَ اِبْن الْعَربّي : وَلِعُلَمَائِنَا فِي وَصْف الرَّبّ بِأَنَّهُ تَوَّاب ثَلَاثَة أَقْوَال أَحَدهَا أَنَّهُ يَجُوز فِي حَقّ الرَّبّ سُبْحَانه وَتَعَالَى فَيُدْعَى بِهِ كَمَا فِي الْكِتَاب وَالسُّنة وَلَا يُتَأَوَّل وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ وَصْف حَقِيقِيّ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَتَوْبَة اللَّه عَلَى الْعَبْد رُجُوعُهُ مِنْ حَال الْمَعْصِيَة إِلَى حَال الطَّاعَة , وَقَالَ آخَرُونَ : تَوْبَة اللَّه عَلَى الْعَبْد قَبُوله تَوْبَته , وَذَلِكَ يَحْتَمِل أَنْ يَرْجِع إِلَى قَوْله سُبْحَانه وَتَعَالَى قَبِلْت تَوْبَتك وَأَنْ يَرْجِع إِلَى خَلْقه الْإِنَابَة وَالرُّجُوع فِي قَلْب الْمُسِيء وَإِجْرَاء الطَّاعَات عَلَى جَوَارِحه الظَّاهِرَة .
    -------------------------------------


    بسم الله الرحمن الرحيم
    [ تفسير الزمخشري ]


    وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ

    (فَٱقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ) على الظاهر وهو البخع وقيل: معناه قتل بعضهم بعضاً. وقيل: أمر من لم يعبد العجل أن يقتلوا العبدة. وروى أن الرجل كان يبصر ولده، ووالده وجاره وقريبه، فلم يمكنهم المضي لأمر الله، فأرسل اللَّه ضبابة وسحابة سوداء لا يتباصرون تحتها، وأمروا أن يحْتبوا بأفنية بيوتهم، ويأخذ الذين لم يعبدوا العجل سيوفهم، وقيل لهم: اصبروا، فلعن الله من مدّ طرفه أو حلّ حبوته أو اتقى بيد أو رجل، فيقولون: آمين فقتلوهم إلى المساء حتى دعا موسى وهارون وقالا: يا رب، هلكت بنو إسرائيل، البقية البقية، فكشفت السحابة ونزلت التّوبة. فسقطت الشفار من أيديهم، وكانت القتلى سبعين ألفاً. فإن قلت: ما الفرق بين الفاآت؟ قلت: الأولى للتسبيب لا غير، لأن الظلم سبب التّوبة. والثانية للتعقيب لأن المعنى فاعزموا على التّوبة فاقتلوا أنفسكم، من قِبَلِ أن الله تعالى جعل توبتهم قتل أنفسهم. ويجوز أن يكون القتل تمام توبتهم. فيكون المعنى: فتوبوا، فاتّبعوا التّوبة القتل تتمة لتوبتكم، والثالثة متعلقة بمحذوف، ولا يخلو إما أن ينتظم في قول موسى لهم فتتعلق بشرط محذوف، كأنّه قال: فإن فعلتم فقد تاب عليكم. وأمّا أن يكون خطاباً من الله تعالى لهم على طريقة الالتفات. فيكون التقدير: ففعلتم ما أمركم به موسى فتاب عليكم بارؤكم. فإن قلت: من أين اختص هذا الموضع بذكر البارىء؟ قلت: البارىء هو الذي خلق الخلق بريئاً من التفاوت
    (مَا ترِى فِى خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَـٰوُتٍ)
    [الملك: 3] ومتميزاً بعضه من بعض بالأشكال المختلفة والصور المتباينة، فكان فيه تقريع بما كان منهم من ترك عبادة العالم الحكيم الذي برأهم بلطف حكمته على الأشكال المختلفة أبرياء من التفاوت والتنافر، إلى عبادة البقرة التي هي مثل في الغباوة والبلادة. ـ في أمثال العرب: أبلد من ثور ـ حتى عرضوا أنفسهم لسخط الله ونزول أمره بأن يفك ما ركبه من خلقهم، وينثر ما نظم من صورهم وأشكالهم، حين لم يشكروا النعمة في ذلك، وغمطوها بعبادة من لا يقدر على شيء منها.
    انتهى الاقتباس
    أخُوكم الإمام المهديّ؛ ناصر محمد اليمانيّ.
    ________________
    اضغط هنا لقراءة البيان المقتبس..


    - - - تم التحديث - - -

    وبالنسبه لرضوان الله وذللك لأن فيه سر الحكمة والهدف من خلق الخلق وكل ما نعمله من الصالحات هي من اجل رضوان الله وحبه وقربه النعيم الاكبر من نعيم الدنيا والآخره ولا اضنك ستقول لماذا رضوان الله نضيفه في التحيه لبعضنا البعض فهل نلقي بالتحيات الا من اجل رضوان الله



    سبحان الله العظيم فهل هدف عبادة الانبياء ومن تبعهم الا من اجل رضوان الله سبحانه


  10. افتراضي

    رفع الله قدرك يا أحمد يوسف وجزاك الله بخير ما جزا به عباده الصالحين

المواضيع المتشابهه
  1. انا ايش يثبتلي انو دينكم الاسلام صحيح؟
    بواسطة dawaween في المنتدى قسم خاص لحوار المسيحين واليهود
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: يوم أمس, 03:26 AM
  2. الشيخ عصام تليمه يسرق بيان نفي حد الرجم و يؤلف كتاب لا رجم في الاسلام
    بواسطة ابو محمد الكعبي في المنتدى سؤال من المهدي المنتظر إلى كافة خطباء المنابر
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 06-04-2021, 03:46 PM
  3. بشرى سارة لقناة نداء الاسلام وصناع الفيديو
    بواسطة احبك يا الله في المنتدى المادة الإعلامية والنشر لكل ما له علاقة بدعوة الإمام المهدي ناصر محمد اليماني
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 28-08-2018, 06:18 PM
  4. هل حكم الردة في الاسلام القتل
    بواسطة قبطان في المنتدى قسم الأسئلة والإقتراحات والحوارات المفتوحة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 23-09-2011, 01:07 AM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •