السلام على أخي الباحث 30/9؛أخي و حبيبي في الله بارك الله فيك و زادك هدى و علما.
حسنا سأضع الآن بني يديك اقتباس الإمام الذي أرسلته إليّ و الإقتباس الذي من خلاله قلت أنّ ماروت كان من الملائكة ثمّ حوّله إنسانا و جعله بشرا و سأبيّن لك أخي صحّة ما ذهبت إليه أنّ ماروت هو الإلاه البشر الذي أرسل نبيّ الله ذو القرنين لقومه ليدعوهم إلى لا إلاه إلّا الله.
حسنا هذا إقتباس الإمام الأوّل وهو إقتباسك:
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً } صدق الله العظيم [ النساء : 1 ]
والدليل في هذه الأية واضح وجلي أن الذرية البشرية جاءت من أدم سواء الذكر والأنثى فجميعهم من الرجل تصديقاً لقول الله تعالى { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } صدق الله العظيم
وأما التكاثر فجميع الذكور والإناث من أدم وحواء والبرهان كذلك واضح وجلي في نفس الموضع في قوله تعالى :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً } صدق الله العظيم [ النساء : 1 ]
حسنا هذا اقتباس الإمام الثّاني وهو اقتباسي:
وإنما الاسم هاروت أحد أسماء الشيطان بالكتاب وهو ذاته إبليس واتبع الملك ماروت، لأن ماروت كان الخليفة البدل من بعد آدم. وسرعان ما وقع في الفتنة بسبب الشهوة التي أوجدها الله فيه بعدأن حوله إلى إنسان ولكنه كان من الملائكة، ويزعم أن لو اصطفاه الله خليفة أنُه لن يفسد في الأرض أبداً بل هو كان من أشد المُستنكرين كيف يصطفي الله آدم خليفة، ويرى أنه أولى من آدم.
فهو من الملائكة خلقه الله من نور ثم جعله الله بشراً وكان من الملائكة وسُرعان ما اتّبع هواه وللأسف يئس من رحمة الله ثم أتبعه الشيطان ودعاه إلى الكفر والانضمام معه ثم كفر بالله. وقال الله تعالى:
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴿١٧٥﴾ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ۚ ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۚ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴿١٧٦﴾ سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ ﴿١٧٧﴾ مَن يَهْدِ اللَّـهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي ۖ وَمَن يُضْلِلْ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴿١٧٨﴾وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَـٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴿١٧٩﴾} صدق الله العظيم [الأعراف]
انظر حبيبي في الله لدقّة قول إمامنا الحبيب فماروت لم يحوله فقط لإنسان بل جعله بشرا أي جعل فيه كلّ مواصفات البشر فلو قال الإمام عليه السلام أنّ الله حوّل ماروت إلى إنسان و سكت و لم يقل جعله بشرا لكان الحقّ و الصواب معك ذلك لأنّ الله قادر أن يحوّل الملك إنسانا و لكن من غير أن يجعل فيه خاصيّات البشر من أكل و شرب و شهوة و غير ذلك و إليك حبيبي في الله اقتباس الإمام عليه السلام:
أما قصة الجسد الذى ألقى على كرسي سليمان عليه الصلاة والسلام..
أُختي السائلة والسائلين من المؤمنين سلام الله عليكم ورحمته أجمعين فأما الجسد.. فهو يُطلق على جسد البشر الذي لا يأكل الطعام. تصديقاً لقول الله تعالى:
{قْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ ﴿١﴾ مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴿٢﴾ لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ۗ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَـٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ۖ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ ﴿٣﴾ قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿٤﴾ بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ ﴿٥﴾ مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا ۖ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ ﴿٦﴾ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۖ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴿٧﴾ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ ﴿٨﴾ ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ ﴿٩﴾ لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿١٠﴾} صدق الله العظيم [الأنبياء]
أي لم يجعلهم ملائكة لأن الملائكة لا تأكل الطعام تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىٰ قَالُوا سَلَامًا ۖ قَالَ سَلَامٌ ۖ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ﴿٦٩﴾ فَلَمَّا رَأَىٰ أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ۚ قَالُوا لَا تَخَفْ} صدق الله العظيم [هود:69ء70]
فأخبروه أنهم رُسل الله من الملائكة وأفتوه أن الملائكة لا يأكلوا الطعام حتى ولو جعل الله الملاك جسداً بشراً سوياً فإنه كذلك لا يأكل الطعام وطعامهم ذكر الله الليل والنهار وهم لا يسأمون. ونعود لقول الله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} صدق الله العظيم
ويقصد الأنبياء أنه لم يجعلهم ملائكة وذلك لأنهم قالوا: {أَبَعَثَ اللَّـهُ بَشَرًا رَّسُولًا ﴿٩٤﴾} [الإسراء]
وقال الله تعالى:{وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللّهُ بَشَراً رَّسُولاً (94)}صدق الله العظيم [الإسراء:94]
فهم يحاجون رسول ربهم كيف يبعث الله بشراً رسولاً ويريدون ملكاً رسول الله إليهم ورد الله عليهم:
{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ ﴿٩﴾ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴿١٠﴾} صدق الله العظيم [الأنعام]
بمعنى أنه حتى ولو بعث الله إلى الناس ملكاً لجعله رجلاً مثلهم وألبس عليه ما يلبسون لأنه لا ينبغي أن يبعثه إليهم بصورته الملائكية لضخامة خليقته ولله حكمته.
أخي و حبيبي في الله لم يكن ماروت مجرّد جسد إنسان قام الله بتحويله و أبقى فيه صفته الملائكية كمثل جبريل عليه السلام عندما تمثّل لمريم بشرا سويّا أو كمثل ضيف إبراهيم عليه السلام أو كمثل الجسد الذي أُلقي على كرسيّ سليمان عليه السلام؛بل إنّ الله حوّله إنسانا و جعله بشرا بكلّ الخاصيّات البشرية.
أخي الحبيب إنّ آدم عليه السلام خلق بشرا من طين أماّ ماروت خلقه الله ملكا ثمّ جعله بشرا سويّا و نزع عنه كلّ الصفات الملائكية و حوّلها إلى صفات بشريّة فهو إذا بشر و لكن خلقه ليس كخلق آدم عليه السلام.
ثمّ حبيبي في الله إنّ إمامنا الحبيب هو الذي أخبرنا أنّ ماروت حوّله الله إنسانا ثمّ جعله بشرا.
و يبقى القول الفصل لصاحب علم الكتاب و لك منّي حبيبي في الله كلّ المحبة و الأخوّة في الله و بارك الله فيك على المناصحة و النصيحة؛قال تعالى: والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر