بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على جميع الأنبياء والمرسلين وآلهم الطيبين ولا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمين وأصلي وأسلم على أئمة الكتاب الأبرار وآل بيتهم الأطهار وعلى جميع أنصار الله الواحد القهار السابقين منهم واللاحقين المستقدمين والمستأخرين في كل زمان ومكان إلى اليوم الآخر
السلام على قاضي محكمة العدل الإلاهية في الأرض خليفة الله وعبده الإمام المهدي المنتظر ناصر محمد اليماني ورحمة الله وبركاته السلام على كافة إخوتي الأنصار الأبرار السابقين الأخيار وجميع الباحثين والزوار ورحمة الله وبركاته ثم أما بعد:
الإخوة الأحباب سنبتداء تعقيبنا هذا بالسؤال ونقول هل كان نبي الله سليمان إبن داوود أعلم من أبيه حين فهمه الله الحكم في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم ومن ثم حكم نبي الله داوود بالظن وظلم الرجل الفقير بغير قصد منه فهل ذلك يعني أن نبي الله سليمان قد آتاه الله علماً أفضل من أبيه فصار أعلم منه والجواب في محكم الكتاب قال تعالى:
{وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ ﴿٧٨﴾ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ۚ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ﴿٧٩﴾ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ ۖ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ ﴿٨٠﴾}
صدق الله العظيم [الأنبياء].
فانظروا لقول الله تعالى:
{وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا}
ويا حبيبي في الله لم يفتينا خليفة الله بأن نبي الله سليمان صار أعلم من أبيه النبي داوود حين فصل قصة داوود سليمان وهم يحكمون في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وإنما علمنا أن الله فهَّم نبيه سليمان الحكم كون الله لا يريد أن يعود خليفته داوو إلى ذلك فلم يكن ذلك الحكم هيناً عند الله حتى لو كان بغير قصد فلا يجوز لنبيه داوود أن ينطق بحكمه عن الهوى ولذلك اتبع داوود حكم إبنه سليمان ومن ثم نطق بالحكم الحق وبعد ذلك بعث الله إليه الملكين يمثلان قصة الرجلين ليذكِّره الله بظلمه في حكمه على الفقير ثم حكم نبي الله داوود بحكم مخالف للحكم الأول وحكم بالحق ثم أختفى الملكين من بين يديه بعد ثلاث ثوان فعلم أنهم ملائكة وأنهم يمثلون قصة الأخوين فاستغفر ربه وخر راكعاً وأناب ولذلك اتبع داوود حكم سليمان فقال تعالى:
{وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا}
وذلك الخطاء وقع فيه نبي الله داوود كونه ليس معصوماً من الخطاء حتى لو كان هو نبي الله ذي القرنين الذي ليس بأعلم منه غير صاحبنا خليفة ربنا الإمام المهدي االمنتظر ناصر محمد اليماني وكما أخطاء جميع الأنبياء ومن ثم يعلمهم الله بخطأهم فيردهم إلى الحق وكذلك نبي الله سليمان أحاط الهدهد بما لم يحط به علما ويضرب الله لنا الأمثال ولذلك لم يقل الله بأنه آتا سليمان علماً أعلى من أبيه داوود بل فضل الله النبيين بعضهم على بعض وما فضل الله به نبيه داوود على سليمان وبعض النبيين هو أن الله رفعه بعلمه فآتاه زبورا فجعل الله لنا البرهان في تفضيل الأنبياء بعضهم على بعض في نبي الله داوود حيث جعل الله برهان التفضيل فيه فصار أفضلهم علما ولذلك قال تعالى:
{وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ ۖ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا}
صدق الله العظيم [الإسراء].
سؤال آخر هل علَّم الله سليمان منطق الطير بينما لم يعلِّم أبيه بذلك والجواب في محكم الكتاب قال تعالى:
{وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً ۖ كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ}
صدق الله العظيم [ص].
فكيف يحشر الله لعبده الطير ولا يفقه لغتها وكيف سيتعامل معها بل كان نبي الله داوود يعلم منطق الطير وكانت تأوب معه وكذلك الجبال وكذلك الطيور فكيف يفقهها إن لم يعلم منطقها وقال تعالى:
{وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ۚ وَكُنَّا فَاعِلِينَ}
[79:الأنبياء].
وقال تعالى:
{وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ}
[10:سبأ]
صدق الله العظيم.
ولم يكن نبي الله سليمان أعلم من أبيه بل ورث أبيه فقال تعالى:
{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ}
صدق اله العظيم [16:النمل].
ومما ورثه سليمان عن أبيه هو أن علمه الله منطق الطير كما علم الله أبيه من قبل كون الله حشر لنبيه داوود الطير من قبل سليمان ولذلك بعد أن ورث سليمان داوود قال عُلِّمنا منطق الطير وذلك مما ورثه عن أبيه فآتاه الله إياه كما آتاه لأبيه من قبل فقال والطير محشورة له وبما أن نبي الله سليمان قد علمه الله منطق الطير فكذلك أبيه نبي الله داوود من قبل وقد ذكر الله بأن من الجن من كانت تعمل بين يدي سليمان بإذن ربه فتصنع له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجوارب وقدور راسيات ولكن لم يكن ذلك يخص نبي الله سليمان لوحده بل كذلك أبيه نبي الله داوود كانت الجن تصنع له ما يشاء من الزينة رغم أن الآيات تتكلم عن نبي الله سليمان وهذا مقتبس من بيان للإمام المهدي عليه الصلاة والسلام يؤكد قولي ذلك كما يلي:
[وأتيناك بسُلطان العلم المُحكم في القرآن العظيم عن أنبياء الله داوود وسُليمان عليهم الصلاة والسلام وكانت لهم تماثيل مُجرد صور معدنية ولم ينفخ فيها فتكون صور حقيقة بل صُنعت لغرض الزينة، وسُليمان وداوود كانوا من الأغنياء فيزينوا قصورهم بصور كهيئة صور خلق الله من الإنسان والحيوان والطير بغرض الزينة:
{وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ۖ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ۖ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ ﴿١٢﴾ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ۚ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴿١٣﴾}
صدق الله العظيم, [سبأ]]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنتهى الإقتباس,,,
إذاً كانت الجن تتعامل مع داوود كما تعاملت مع سليمان رغم أن الآيات خصَّت بالذكر سليمان فقط إلا أن خليفة الله علمنا بأن كلاً من داوود وسليمان كانوا يزينون قصورهم والزينة كانت تصنعها لهم الجن لذلك فإن التصريح في الآيات أن سليمان عُلِّم منطق الطير لا يعني أن أبيه داوود لم يكن يعلم منطقها كما هو الحال في الزينة من الآيات السابقات والإقتباس من بيان الإمام ومن الآيات البينات بأن الطير حُشرت لداوود ثم كيف يرث سليمان داوود ومن ثم يقول عُلِّمنا منطق الطير ومن ثم نقول بأن أبيه لم يكن يعلم بذلك بل منطق الطير هو مما ورثه سليمان عن أبيه فآتاه الله إياه ولم يكن يعلم سليمان بمنطق الطير من قبل أن يرثه الله ذلك الملك العظيم عن أبيه ولنا في دعوة نبي الله سليمان شواهد حين فتنه الله وألقى على كرسيه جسداً ثم أناب ومن ثم قال قول الله تعالى:
{قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ}
صدق الله العظيم [35:ص].
وتلك هي دعوة نبي الله سليمان يريد بها ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده من آل بيته ولكنه لم يقل وما كان لأحد من قبلي كونه يعلم أن ملك أبيه أكبر منه وما آتاه الله لسليمان كان في أبيه من قبل وأنتم تعلمون يا أحباب أن خليفة الله قد علمنا مسبقاً بأنه لم يكن نبي الله سليمان يبتغي الملك لأجل الحياة الدنيا بل لأنه يريد أن ينافس في حب الله وقربه ولكن نبي الله سليمان لم يكن بأعلم من أبيه وإلا لطلب من الله أن يعطيه ملكاً لم ينبغي لأحد من قبله ولا من بعده حتى ينافس أبيه في حب الله وقربه وتوقف علمه حين توقف سليمان في دعوته فصار علمه محدوداً على من بعده من آل بيته حيث كان أعلمهم ولم يكن بأعلم ممن قبله وهو أبيه الذي ورثه وكذلك علَّمنا الله بأن هناك من آل إبراهيم من هو أعلم من سليمان وأبيه ولذلك لم يطلب سليمان من ربه أن يكون ملكه لا ينبغي لأحد من العالمين حتى ينافسهم أجمعين بل توقف علمه عند آل بيته ولو كان أعلم من أبيه لما حصر التنافس على من بعده من آل بيته فقط فعلمنا أن الذي يعطيه الله خلافة الملكوت كله هو صاحب الملك العظيم الذي لم ينبغي لأحد من العباد أجمعين وهو أعلم خلق الله على الإطلاق فاتخذ ملكه وسيلة لبلوغ غايته وهو رضوان الله في نفسه وكذلك أنصاره الصادقون السابقون الثابتون معه يحذون حذوه وينافسونه شبرا بشبرا وذراعاً بذراعا وباعاً بباعا حتى نلقى الله يوم التلاق وما زال السباق حتى بعد التلاق حين نجري لنلقي بأنفسنا في قعر الجحيم سعياً لتحقيق هدفنا العظيم في رضوان الله في نفسه ولا ولن نرضى حتى يرضى حبيبنا ربنا غير متحسر ولا حزين فصلوات ربي على عبده الحليم وخليفته الكريم الإمام العليم المهدي المنتظر ناصر محمد اليماني عليه وآله وآل داود وجميع الأنبياء والمرسلين وآلهم أجمعين أتم الصلاة والتسليم.
أما لماذا لم تحدث قصة الهدهد مع داوود كما حدثت مع سليمان فليس ذلك يا حبيبي في الله لأن سليمان فقط عُلِّم منطق الطير بل ذلك لأن نبي الله داوود أعلم منه فلم يغيب عنه ما غاب عن نبي الله سليمان فأحاطه به الهدهد والطير محشورة لداوود وتسبح معه فكيف أن الطير حُشرت له وتسبح معه ومن ثم لا يعلم منطقها وكيف سيتعامل معها وقد حُشرت له بل يعلم منطقها وكذلك الجبال تأوب معه وذلك فضل الله على آل داود فعملوا لله شكراً وقليل من العباد الشكور.
أما القول بأن الولد يكون أذكى من والده فليس ذلك معناه أن يكون أعلم من أبيه بل الفضل في العلم لله يهبه لمن يشاء واتقوا ويعلمكم الله.
أما قصة سبأ فسواءً كانت موجودة في عصر داوود هي وقومها أم لا وما يخصنا في قصة داوود وسليمان عليهم الصلاة والسلام هو الفساد في الأرض وتبليغ دين الله فهل أخبر القرآن عن الملكة سبأ وقومها أنهم كانوا مفسدين وهذا ما لا ينبغي أن يكون في خلافة داوود ومن بعده سليمان كون الله أمرهم برفع الفساد من الأرض والدعوة إلى دين الله كما دعا سليمان الملكة سبأ فقال:
{أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ}
صدق الله العظيم [31:النمل].
ثم يقيم حدود الله على المفسدين في الأرض ظاهرها وباطنها لمنع فسادهم الظاهر ومن شاء منهم فليؤمن ومن شاء فليكفر فما على الرسول إلا البلاغ المبين ولا حرية ولا ديمقراطية في حقوق العباد ومن ينتهك حق عبد بغير حق يقيم عليه حد الله ولم يجعل الله الديمقراطية والحرية الوحيدة للعباد إلا في عبادته فقط فلم يأمر أنبيائه ورسله أن يكرهوا الناس حتى يكونوا مؤمنين.
أما أخينا عبدالرحمن القائل في هذه الآية:
{قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا ﴿٨٧﴾ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ ۖ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ﴿٨٨﴾}
صدق الله العظيم [الكهف].
فيا حبيبي في الله ها أنت تقول بأن الظلم هو ظلم الشرك ويا سبحان الله من متى كان الله يأمر أنبيائه ورسله أن يكرهوا الناس حتى يكونوا مؤمنين بل قال تعالى:
{أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}
صدق الله العظيم [99:يونس].
ولا يحق لخليفة الله ذي القرنين ان يكره حتى الشياطين على الإيمان بل يدعوهم إلى الحق وإلى عبادة الله وحده وما على الرسول إلا البلاغ المبين ثم يحذرهم أن من ظهر فساده فسنقيم عليه حدود الله ليمنع فساده في الأرض كما أمره الله لذلك فإنه يعذبهم بإقامة حدود الله عليهم كل بحسب جريمته وفق الحد المحدد في الكتاب الذي بين يديه مما علمه ربه به.
وكذلك يا حبيبي في الله سواء كانت سبأ وقومها موجودين من قبل داوود أو خلاله أو جاءت هي وقومها من بعده فليس في ذلك شيء طالما أنهم لم يكونوا مفسدين ولماذا تريد أن يقضي نبي الله داوود على سبأ وقومها فبأي حق يا رجل يفعل ذلك نبي الله داوود أتريده ان يكون من المفسدين بل نبي الله داوود كان من المصلحين فأقام حدود الله في الأرض كلها في جميع أنحاء الكرة الأرضية ولم يأمرنا الله أن نقاتل المشركين إلا في ثلاث حالات فقط:
أولاهما وهو قتال الذين قاتلونا في الدين وظاهروا على إخراج إخواننا المسلمين من ديارهم وأولئك أمرنا الله أن لا نوليهم فنتخذ منهم أولياء بل نقاتلهم تصديقاً لقول الله تعالى:
{نَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}
[9:الممتحنة]
أما الذين لا يقاتلونا في الدين ولم يظاهروا على إخراجنا من ديارنا فأولئك نبرهم ونقسط إليهم وإن كانوا كافرين تصديقاً لقول الله تعالى:
{لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}
[8:الممتحنة]
أما الأمر الثاني المستوجب للقتال والجهاد وهو حين يمتنع قوماً ما عن دفع الزكاة فأمر الله فيهم وقال:
{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}
[29:التوبة]
وأما السبب في القتال من أجل دفع الزكاة وذلك لأن الزكاة تأخذ من أغنياء المسلمين والكافرين بالتساوي وإنما تسمى في الكافرين جزية كونهم كافرين ولكنها بمقدار ما يدفعه المسلمين في أموالهم وزرزعهم وكل ما وجبت فيه الزكاة ومن ثم توزع الزكاة بين فقراء المسلمين والكافرين بالتساوي من غير تفريق بينهم بل يعدل بين الكافرين والمسلمين فالرب واحد وللكافرين أعمالهم وللمسلمين أعمالهم ولا حجة بيننا وبينهم وذلك قول الله تعالى:
{فَلِذَٰلِكَ فَادْعُ ۖ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ۖ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِن كِتَابٍ ۖ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ۖ اللَّـهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ ۖ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ۖ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ۖ اللَّـهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ}
صدق الله العظيم [15:الشورى].
وأما الحالة الثالثة المستوجبة للقتال فهي خاصة برفع الفساد من الأرض كأن تقتتل طائفتين من المؤمنين ومن ثم يصلح بينهم الخليفة المبعوث في الأرض أو من مكن الله له فيها ومن ثم يحكم بينهم من كتاب الله الذي بين يديه فإن فاءت إحدى الطائفتين وبغت الأخرى ومن ثم يتم قتال الطائفة الباغية حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت لأمر الله ومن ثم ينتهي قتالها ويقيم الخليفة الصلح بين الطائفتين بالعدل وليقسط إن الله يحب المقسطين وذلك هو قول الله تعالى:
{وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّـهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}
صدق الله العظيم [9:الحجرات].
فتلك هي الحالات التي شرع الله لنا فيها القتال وذلك لدفع الفساد في الأرض وقال تعالى:
{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّـهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}
صدق الله العظيم [40:الحج].
اللهم لا علم لنا إلا بما علمنا خليفة ربنا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير اللهم أورثنا العِلم والإيمان واجعلنا من العالِمين اللهم واهدي أهل الأرض كلهم جميعا فلا يضل بعدها إلا شيطاناً رجيما اللهم واغفر لقومنا وإخواننا المسلمين فإنهم لا يعلمون اللهم من تبعنا فإنه منا ومن عصانا فإنك غفور رحيم اللهم ثبتنا وإمامنا معنا على الحق وعلى الصراط المستقيم حتى نلقاك يا ربنا بقلب سليم اللهم وصلي على عبدك وخليفتك في الأولين وفي الآخرين وفي الملاء الأعلى إلى يوم الدين واجزه اللهم عنا خير ما جزيت به عبادك الصالحين اللهم إننا نشهدك بأننا قد إتخذنا عندك عهدا فلن نرضى حتى ترضى أنت حبيبنا وانت ولينا وأنت أرحم الراحمين وسلام على الإمام العليم وسلام على المرسلين والحمدلله رب العالمين.