السلام عليكم
أخي وليد لقد بين إمامنا الغالي معنى كلمة الهوى = الظن في قصة داوود صلى الله عليه و سلم. ولكني لا أوافقك الرأي بأن الهوى هو "كلّ شيء يخالف مراد الله عزّ و جلّ و خروج عن أوامره و أحكامه وهو أيضا عُجْبُ الإنسان بعمله و ظنّه أنّه حسن" ولم يقل إمامنا هذا المعنى، فالله لا يحاسب عباده إلا بعد ان يؤتوا بعلم وبينة لذلك يبعث الأنبياء و الرسل و الأئمة ليؤتوهم بالعلم والآيات البينات أما بالنسبة للآيتين التين استدللت بهما فالمعنى ليس الذي تفضلت به ولفهم الآيتين يجب أخذ آيات قبلها و بعدها لربط المعنى :
أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ (14) مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15) وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ (16) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ (17) فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (18)
فالله يبين لنا كيف أن رسولنا محمد صلى الله عليه و سلم كان يتحدث عن قرب قيام الساعة في القوم الذين كانوا معه فوصف لنا الله نوعين من البشر :
اولا هناك قوم زُيِّنَ لهم سوء أعمالهم أي أن الشياطين كانت تضلهم و تجعلهم يعتقدون ان ما يقومون به حسن (الضالين) فيكذبون الرسول الكريم كذلك هذه الآية تشمل شياطين الإنس نفسهم لأن الشيطان إبليس يعدهم غرورا ولذلك خصهم الله تعالى في الآية 16 بوصفهم و قال ومنهم، و هؤلاء حدثنا عنهم إمامنا الغالي وهم المنافقون اليهود من شياطين الإنس الذين يعرفون الحقيقة ولكنهم يضلون الناس. فترى كيف أن الله يصف ذلك المشهد كيف أنهم يستمعون الى الرسول و يتظاهرون بالإيمان ومن ثم يخرجون من عنده و يقولون مستهزئين : ماذا قال آنفا ؟ أي ماذا قال قريبا قيام الساعة ؟ ليضلوا الذين أوتوا من علم الرسول الكريم. وبالتالي فكلمة أهواءهم لا تعني الظن بل تعني الضلالة في موضع وتعني شهواتهم و غاياتهم لأن هذا ما يحب شياطين الإنس فعله : تضليل الناس.
والنوع الثاني من القوم هم اللذين يبحثون عن الحق و طريق الهداية فيهديهم الله ويأتيهم تقوى.
وسامحني أخي وليد هذا قوس فتحته و أغلقه. ولكن لي سؤالين فيما يخص ذي القرنين :
أولا إذا كان ذو القرنين هو داوود ابو سليمان فكيف يذهب إلى الأقطاب لنشر الإسلام بينما يأتي سليمان من بعده مباشرة فيكون سببا في إسلام بلقيس وقومها الذين يعبدون الشمس والذين سكنوا سبأ وهذا المكان غير بعيد، ألم يلحظ داوود غياب الإسلام عن هذه الأرض في رحلته ؟
ثانيا إذا كان سليمان ورث كل شيء عن أبيه من علم وملك وأسباب كما تقول فكيف يأتي هدهد لسليمان ليعلمه بنبإ سبأ و لاحظ قول الهدهد في هذه الآيات الكريمة : وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ(20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ(22)، لم يكن يعلم سليمان بأمر بلقيس إلى ان جاءه الخبر من الهدهد الضعيف. وقارن مع قول الله في وصفه لذي القرنين : كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (الكهف : 91)
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته