بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد رسول الله وآله الأطهار وعلى المهدي المنتظر وآل بيته الأبرار وعلى جميع الأنصار السابقين الأخيار إلى اليوم الآخر السلام عليكم ورحمة الله
سوف نرى أيها المتابع إن كنت من أولي الألباب الباحثين عن الحق أم أنك من شر الدواب، ونعلم ما الذي أضلك عن القول الصواب في بيان إمامنا صاحب علم الكتاب وفصل الخطاب إنه الطواف؟
فالطواف هو ما أضل المتابع فترك الحق والواضح وأفتى بما ليس له له علم من غير برهان حتى ناقض آيات القرآن.
ويا أيها المتابع فأما الغلمان الطوافون فهم ذرية للسابقين ينشئم الله لهم في حرث الحور العين حرث ليس من أنفسهم بل حرث آخر مما لا تعلمون جزاءً بما كانوا يعملون فينجبن للسابقين قراة الأعين وهم الغلمان والحور العين أباءهم من البشر وأمهاتهم الحور العين كأنهن اللؤلؤ والمرجان، وفي آية الغلمان المخلدون يحدثنا الله عن ذرية خاصة من ذريات السابقين ولذلك ستجد الأيات تترى تتكلم عن الصالحين السابقين للجنة ثم يزوجهم ربهم بحورٍ عين بأن الله يلحق بهم من آمن من ذرياتهم في الحياة الدنيا وما يلتهم من أعمالهم من شيء وستجد ذلك جلياً في قول الله تعالى:
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (١٧) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (١٨) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٩) مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ ۖ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٢٠) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (٢١) وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢٢) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (٢٣) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (٢٤)} صدق الله العظيم [الطور].
والذي أضلك أيها المتابع هو كلمة يطوفون، فمن ثم جعلت الولدان هم أنفسهم الغلمان وقلت إذاً هم الأطفال!
ولكنك غفلت عن بيان هام في آية الغلمان التالية:
{وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ}
صدق الله العظيم [الطور:٢٤].
وما غفلت عنه يا أيها المتابع أن الله حين تحدث عن الغلمان خصهم بمن أنبوتوهم وهم أباءهم من البشر في حرث الحور العين وهن أمهاتهم ولذلك قال تعالى:{غِلْمَانٌ لَهُم}؛ وأما حين تحدث الله عن الولدان المخلدون فإن الله جعل ذكرهم وطوافهم عاماً وإن كان الولدان هم ذاتهم الغلمان إلا أنهم كبروا وصاروا شباب أقوياء ولذلك جاء ذكرهم عاماً يشمل الولدان من جميع الذريات في جنة المأوى كون الله جعلهم أزواجاً للطيبات من البشر ولذلك قال تعالى:
{وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا} صدق الله العظيم [اﻹنسان:١٩].
فانظر يا أيها المتابع فإنما الغلمان فإنهم يطوفون حول أباءهم كونهم ذريتهم وأما الولدان فهم لا يطفون حول أباءهم كون الولدان جاء طوافهم مختلفاً في الآية وإنما طوافهم هو مجيئهم زائرين إلى بعضهم البعض لشيءٍ ما فهم قد صاروا في سن الزواج ولا ينبغي أن يختلطوا بذريات لم يكونوا منهم ونستبط معنى الطواف في آية الولدان من قول الله تعالى:
{فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ} صدق الله العطيم [القلم:١٩].
وإن أردت المزيد عن عن قوله تعالى:
{غِلْمَانٌ لَهُم} صدق الله العظيم، فإنك ستجد ذلك في قول الله تعالى:{إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ْ} صدق الله العظيم؛ كون الله اصطفى من ذرية يوسف ومن ذرية إخوته نبي الله موسى وهارون فأرسلهم إلى آل فرعون وبني إسرائيل الأولون وكان نبي الله هارون أكبر سناً من موسى فبعد أن مات نبي الله موسى بعد أن فرق الله بينه وبين قومه فتاهوا في الأرض أربعين سنة يبحثون عن الماء والمرعى، خلفه في قومه نبي الله هارون فهو وزير موسى وأشركه الله في أمره، حتى إذا انتهت سنين التيه الأربعين فأذل الله بها بني إسرائيل لعصيانهم أمر الله ورسوله فرفضوا قتل أنفسهم بالجهاد في سبيل الله ليقاتل الصالحون منهم المفسدون ويدافعون عن أرضهم وعرضهم فيقيموا ما أنزل إليهم من ربهم فيتوب الله عليهم جاءوا بعد أربعين سنة إلى نبي الله هارون يريدون القتال كونهم صاروا أذلة مستضعفين في الأرض يتخطفهم أعدائهم من كل مكان كما هو حال المسلمين اليوم صاروا أذلة وعدوهم في عزة وشقاق يحاربون دين الله بإسم الإرهاب ولذلك جاء بني إسرائيل بعد انتهاء سنين التيه الأربعين يطلبون من نبي الله هارون أن يبعث لهم ملكاً يقودهم كون نبي الله هارون قد صار من بعد قوة ضعفاً وشيبه لا يستطيع القتال فمن ثم أخبرهم نبي الله هارون أن الله قد بعث لهم الملك طالوت كون الله وحده هو الذي يصطفي ويختار، ولذلك قال الله عن هؤلاء الملاء من بني إسرائيل من بعد موسى قوله تعالى:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَىٰ إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ْ}
صدق الله العظيم [البقرة:٢٤٦].
فانظر لقوله تعالى: {إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ْ} ؛ أي أن هذا النبي هو لهم لأنه كان فيهم من قبل ولأنه من ذريتهم فهم من بني إسرائيل ولذلك جادلوا عن الملك طالوت إذ كيف يؤتيه الله الملك عليهم ولم يكن منهم أي أنه ليس من ذريتهم ولكن نبي الله هارون ذكّرهم أن الملك لله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم.
وكذلك الغلمان فإنهم ذريات الطوافون حولهم فهم غلمان لهم، ولكن الولدان الطوافوان هم من ذريات شتى، وسلامٌ على المرسلين والحمدلله رب العالمين.