الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله
وآله الأطهاروالتابعين باحسان وكافة المرسلين
فضيلة الشيخ العتيبي سنكون متابعين باذن الله تعالى لكن لي اقتراح لعل
الأحباب الأنصار يزكوه وتقبلوه فالامام ناصر محمد اليماني أثبت صفة جليلة
لله عز وجل فلتكن هي من أولى المحاور في نقاش نافع ومثمر وهادف ينفع أمة الاسلام
فيبلغون بالحق ما تبين لهم بالحق فيجمعوا كلمتهم وتخشع قلوبهم لما نزل من الحق
فكما تعلم حبيبي في الله العتيبي أنه من كمال رحمة الله تبليغ الناس رسالته وتبليغهم
ما يصلحهم في الدنيا والآخرة وأنه سبحانه
يريد اللطف والرحمة الشديدة لعباده وحكمته بالغة لبلوغ السداد والرشاد
فأول ما يجب على المكلف معرفته هو معرفة الله
والمعرفة هي الجزم المطابق عن دليل وليس جزما
بالظن والشك والوهم ، ومن الجائز ما لم نطلع على مراد
الله فيه ، والواجب في المعرفة هو ما يجب في حقه تعالى
والصفة الجامعة هي ما دلت على اتصافه تعالى بكل كمال
وتنزهه عن كل نقص ، قال تعالى :
( أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه
فتشابه الخلق عليهم ، قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار) الآية .
وما غايتنا أحبابنا الكرام الا بلوغ الحق عن بينة وبرهان جبرا للقلوب
وصفاءا للاعتقاد بما بين الله من حق في عزيز خطابه فنكون بذلك حنفاء مستقيمين على الحق
ولا أعرف لما يغلو علماء الأمة بغير حق
وكأنهم لا يعلمون فضل علم التوحيد الذي يهذب الأركان ويوضح الغايات
السليمة ويتبينها العبد بالحكمة ، فالعبد المؤمن الذي يبتغي فضل الله ورضوانه
يعلم يقينا أن كتاب الله تعالى جامع كمالات العلوم المشرقة التي تهذب
النفس والروح وترسم الغايات والفضائل لبلوغ المقاصد العظيمة التي
رسمها الله لعباده بحكمته وبينها في عزيز خطابه ، ولكي يسمو الاعتقاد
بتقدير حق يجب معرفة أن الله علي على كل شيء وأنه الكبير الذي كل
شيء متصاغر دونه وأنه مالك يوم الدين وأنه أرحم الراحمين فيعلمنا
الرحمن كيف نخلص العبادة له في صدق توجهنا اليه بصفاء في الاعتقاد
وهو سبحانه الذي دعا عباده الى التنافس في محبته وقربه وتعرف على عباده
بتعرفاته ولولا أن تعرف عليهم ما عرفوه واذا عرفوا قدره أحبوه ونشأت
خلة المحبة بصفائهم وطهرهم ودعوا اليه متآلفين .
قال تعالى : ( أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم ان في
ذلك لرحمة وذكرى لقوم يومنون ) الآية ، فكل ذي حكمة وبصيرة يعرف
أن كتاب الله يعرفنا بالحقائق كلها وهو المنارة العالية للاسترشاد بالحق
فمن تركه وهجره وما ارتوى من حقائقه فله الخذلان والخيبة والهزيمة
لأنه كتاب فيه الهدى والنور ومعمار متكامل من العلوم التي لا تحصى
والتي تعلو بعلوها وترشد الى المقاصد العظيمة ويعرف بلطفه ورحمته
البالغة وأنه مالك ليوم الدين سموا بالاعتقاد أنه أرحم الراحمين الشديد
الرحمة واللطف بعباده وذلك هو التقدير الحق للعلي الكبير تهذيبا وخلقا وحالا وتوحيدا ،
فهو خطاب الرحمن الذي علم القرآن رحمن
بعزته ورحمته ونعمته رسم لعباده الذين يبتغون فضله ورحمته كل المفاوز
بلطفه ورحمته التي ترشدهم الى صوابهم ورشدهم باتباع رضوانه فيؤالفوا بين قلوبهم
ويجمعوا أمرهم ويسعوا الى صلاحهم فيزيدهم الله من فضله هدى بتبديد كل
اعتقاد فاسد يفرقهم وينأى بهم عن اتباع نهج الحق .
وهو ما ذهب اليه المتشككون والمترددون بتقليدهم والمرتابون الذين آتاهم
الله نصيبا من العلم فظنوا أنهم بلغوا به النهايات في العلم ونفوا حقائق عظيمة من أسرار الدين
فما الذي جعل الناس يتلهوا بنعيم فان وزائل حتى قضى عليه الموت فان ذلك ليس الغاية من خلقهم لأن الغاية من خلقهم قول الله
تعالى ( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ) الآية ، وهذا يجعلنا نوقن أن بمعرفتنا لقدر الله تجعلنا نحبه وأن ذلك هو
السر في خلقهم وفيه ذكر لاسمه الأحب اليه والذي يحمل حقيقة رضوان الله في نفسه وهو غاية خلقهم لذا كان لأهل القرب المقربين قوله تعالى ( فروح وريحان وجنة نعيم )
الآية ، وذكر (وجنة نعيم) الأية ، يختلف معناها الأكبر في هذه الآية عن نعيم جنان الحور العين كما يتبين في وصف نعيمها لأصحاب اليمين ، لذلك تجدنا اتخذنا رضوانه غاية بعظيم محبتنا ليكون بلسما لأرواحنا وطهرنا وجهادا مباركا نجمع به قلوبا تصدعت
فنكون بذلك قدرناه حق قدره وصدقنا توجهنا اخلاصا في طاعته الى ما يحب الله ويرضى ، ونجد أن الحبيب رسول الله قال في
دعاء الطائف (لك العتبى حتى ترضى ) وقال في دعاء آخر ( عدد خلقك ومداد كلماتك وزنة عرشك ورضا نفسك ) وقال صلى الله عليه وسلم في دعاءه (أو اسما علمته أحدا من خلقك )
قال تعالى ( وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم ) الآية ،
فتبين بالحق أن رضوان الله تعالى نعيم أكبر من جنان الحور العين ، وكما تعلم أخي الحبيب أن أعلى درجة في اليقين
هو حق اليقين بقول الله تعالى ( ان هذا لهو حق اليقين ) الآية ، وهذا يعني مرتبة كبيرة في اليقين يشاهدها أهل المراتب
والدرجات العلا في الايمان فيكبر يقينهم بربهم فأكرمهم الله تعالى ببشارته ( يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات ) الآية
فالرضوان صفة جليلة لله تعالى من صفات الرحمة على عباده الذين غمرهم حبه والرضوان من الرضا الشديد ولا يليق كصفة الا لله عز
وجل ولقد غمرهم نعيم رضوانه وروح تأييده وهم لا زالوا في دار الدنيا وشاهدوه مشاهدة وذاقوا طعمه وحلاوته الغامرة
ليزدادوا يقينا على يقينهم لتهنأ وتطمئن نفوسهم وكأنهم يرونه حقيقة بالعيان (يشهده المقربون ) الآية ، وأعظم البشارات هي البشارات التي من الله لأحبابه من أهل وده ومحبته وطاعته ورضوانه فهو سبحانه
حبيب المؤمنين وحبيب التائبين وحبيب الصديقين وحبيب الصادقين ، ويبقى السؤال المغمور فما ألهاكم عن النعيم المذكور في آخر
سورة التكاثر والذي هو ليس نعيم الملذات الفانية بل من النعيم الباقي المشرق في النفوس لأن الله تعالى أكرم من أن يرزق عباده مؤمنهم وكافرهم وبرهم وفاجرهم ثم يمن عليهم بنعيم فان زائل من هشيم الدنيا ، وبالنعيم الباقي يعظم حب الصديقين من أهل اليقين لأنهم اذا عرفوه وقدروه حق قدره أحبوه اذ بين لهم حقيقة نعيمه الأعظم الذي هو غاية تعبداتهم (وما خلقت الجن والانس الا
ليعبدون ) الآية ، واشراقاتها الجلية في النفوس لنيل أعلى الدرجات ، وفي ذلك حكمة بالغة لله العلي الحكيم ومكرمة من مكرماته
لوقتها وزمانها المشهود لهذه الأمة المكرمة . ...
محبكم : أمير النور