22 - 06 - 1433 هـ
14 - 05- 2012 مـ
04:00 صباحاً
[ لمتابعة رابط المشـاركة الأصليَّة للبيان ]
https://albushra-islamia.org/showthread.php?p=43182
ـــــــــــــــــــــــ
رحمة الله على أموات المسلمين، وكذلك نرجو من الله أن يرحم أموات الكافرين النادمين بعد أن ذاقوا العذاب الأليم ..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على جدّي محمد رسول الله وآله الأطهار وجميع أنصار الله الواحد القهار، وبعد..
رجوتُ من أحبّ شيءٍ إلى نفسي ربّي حبيبي بحقّ لا إله إلا هو وبحقّ رحمته التي كتب على نفسه وبحقّ عظيم نعيم رضوان نفسه أن يغفر ويرحم جميع أموات المسلمين ويُدخِلهم أجمعين برحمته في عباده الصالحين، وأن يرحم كافة الأموات الكافرين من الضالين النادمين وأن يخرجهم من نار الجحيم إلى جنّات النعيم، إنّ ربّي غفورٌ رحيمٌ ودودٌ فعالٌ لما يريد. تصديقاً لقول الله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ﴿١٠٦﴾ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ﴿١٠٧﴾} صدق الله العظيم [هود].
اللهم اغفر لجميع أموات المسلمين والنادمين من أموات الكافرين يا من وسعت كل شيء رحمةً وعلماً إنّ وعدك الحقّ وأنت أرحم الراحمين، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
وربّما يودّ أن يقاطعني أحد السائلين فيقول: "يا من يزعم أنّه المهدي المنتظَر يحاجّ الناس بمحكم الذكر، كيف تستغفر لأموات الكافرين؟ ألم يقل الله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴿١١٣﴾ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّـهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ۚ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ﴿١١٤﴾} صدق الله العظيم [التوبة]".
ومن ثمّ يردّ عليه الإمام المهدي وأقول: نعم ما ينبغي للمؤمنين أن يستغفروا للكافرين وهم لا يزالون مصرّين على كفرهم بالحقِّ من ربّهم ومحاربة دين الله الحقّ، فأنّى يغفر الله لهم وهم لا يزالون مصرّين على الكفر بدين الله ويسعون ليطفئوا نور الله؟ وإنما استغفار خليل الله إبراهيم لأبيه بادئ الأمر حين وعده أن يفكّر في أمر دعوته؛ وإنّما وعده كذباً ليصرفه عنه كونه أحرجه بالدعوة إلى الله، ولكن حين تبيَّن له أنّه عدو لله تبَّرأ منه. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ۚ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} صدق الله العظيم [التوبة:114].
ولكن خليل الله إبراهيم استغفر لأبيه من بعد موته كونه يعلم أنه قد صار من النادمين، واستغفر له كونه كان من الكافرين الضالين وليس من الشياطين. وقال الله تعالى: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴿٨٣﴾ وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ﴿٨٤﴾ وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النّعيم ﴿٨٥﴾ وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ ﴿٨٦﴾ وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ﴿٨٧﴾ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ﴿٨٨﴾ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّـهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴿٨٩﴾} صدق الله العظيم [الشعراء].
ويا معشر الأنصار السابقين الأخيار في عصر الحوار من قبل الظهور صفوة البشريّة وخير البريّة الذين لن يرضوا بالحور العين وجنات النّعيم حتى يتحقّق رضوان الله في نفسه، فلتبدأوا بالسعي لتحقيق النّعيم الأعظم من جنة النّعيم واستغفروا لكافة المسلمين الأحياء منهم والأموات أجمعين، واستغفروا للأموات الكافرين الضالّين فقط وليس أحياء الكافرين المصرّين على كفرهم ولا الأموات من شياطين البشر؛ بل النادمون الذين صاروا متحسِّرين على ما فرّطوا في جنب الله، وأما الشّياطين فليسوا بنادمين على ما فرّطوا في جنب الله؛ بل هم نادمون لو أنّهم أضلّوا عباد الله أجمعين عن الصراط المستقيم حتى يكونوا معهم سواء في نار جهنم. وقال الله تعالى:
{وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} صدق الله العظيم [النساء:89].
وإنما استغفر خليلُ الله إبراهيم لأبيه مرّتين، مرةً في حياته ولكنه تبيّن له أن لا يزال مُصِرَّاً على الكفر والعداوة لدين الله ومن ثمّ تبرَّأ منه، ومن ثمّ استغفرَ لأبيه من بعد موته كونه يعلم أنّه صار من النّادمين، وما كان استغفار خليل الله إبراهيم لأبيه من بعد موته إلا أنّه كان من (الكافرين الضالّين) وليس من الشياطين.
فاستغفروا للأموات الكافرين الضالين النادمين كما استغفر خليل الله إبراهيم لأبيه مرةً أخرى من بعد موته كون أبيه كان من الضالين الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا ويحسبون أنّهم مهتدون، ولم يكن أبوه من المغضوب عليهم بل من الكافرين الضالين، ولذلك قال خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام وآله الأطهار: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴿٨٣﴾ وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ﴿٨٤﴾ وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النّعيم ﴿٨٥﴾ وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ ﴿٨٦﴾ وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ﴿٨٧﴾ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ﴿٨٨﴾ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّـهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴿٨٩﴾} صدق الله العظيم [الشعراء].
وتذكّروا يا معشر الأنصار إنَّ أرحمَ الراحمين متحسرٌ وحزينٌ على عباده الكافرين الضالّين ويحسبون أنّهم مهتدون وكفروا برسل ربِّهم ومن ثمّ أخذتهم الصيحة فأصبحوا من النّادمين، ومن ثمّ تحسّر الله في نفسه عليهم كونه أرحم الراحمين، وقال الله تعالى: {إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس].
وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين ..
أخوكم الإمام المهدي ناصر محمد اليماني .
______________