الحمد لله رب العالمين
كم استوقفتني هذه الآية الكريمة واني لأراها مقدمة على هذا البحث القيم عن نبي الله ذو القرنين :
وقوله {أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ آتَٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب } الآية ، أي فلا بدع فيما حسدوه إذ قد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة والملك.
وآل إبراهيم: أبناؤه وعقبه ونسله، وهو داخل في هذا الحكم لأنّهم إنّما أعطوه لأجل كرامته عند الله ووعد الله إيّاه بذلك وتعريف (الكتاب): تعريف الجنس، فيصدق بالمتعدّد، فيشمل صحف إبراهيم، وصحف موسى، وما أنزل بعد ذلك والحكمة: النبوءة، والملك: هو ما وعد الله به إبراهيم أن يعطيه ذرّيته وما آتى الله داوود وسليمان وملوكَ إسرائيل وكذلك اسماعيل وذريته .
وضمير { منهم } يجوز أن يعود إلى ما عاد إليه ضمير ( يحسدون ) وضمير { به } يعود إلى الناس المراد منه محمّد أي فمِنَ الذين أوتوا نصيباً من الكتاب مَن آمن بمحمّد، ومنهم من أعرض. والتفريع في قوله: { فمنهم } على هذا التفسير ناشيء على قوله ( أم يحسدون الناس ) ويجوز أن يعود ضمير { فمنهم } إلى آل إبراهيم، وضمير { به } إلى إبراهيم، أي فقد آتيناهم ما ذُكر ومن آله من آمن به، ومنهم من كفر مثل أبيه آزر، وامْرأةِ ابن أخيه لوط، ، أي فليس تكذيب اليهود محمّدا بأعجب من ذلك،
{ سُنَّة من قد أرسلنا قبلَك من رُسلنا } الآية ، من سورة الاسراء
ليَكون قد حصل الاحتجاج عليهم في الأمرين في إبطال مستند تكذيبهم؛ بإثباتِ أنّ إتيان النبوءة ليس ببدع، وأن محمّدا من آل إبراهيم، وليس عجبا أن يكون نبي من ذرية نبي الله اسماعيل قبل محمد صلى الله عليه وسلم وفي تذكيرهم بأنّ هذه سنّة الأنبياء حتى لا يَعُدّوا تكذيبهم محمّدا صلى الله عليه وسلم ثلمة في نبوءته، إذ لا يعرف رسولا أجمْعَ أهل دعوته على تصديقه من إبراهيم فَمن بعده.