بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الكريم زوووم... بعد قراءة متأنية لكل ما تفضلت به في حوارك وما قدمت من ردود وأسئلة أسمح لي أن أخاطبك بمنطق الجدل العلمي وبعيدا" عن أي مواقف شخصية وأرجو من شخصك الكريم أن تجعل للعقل الدور الكلي للحكم وأتمنى أن لا تجعل ما أنغرس في عقولنا كمسلمين منذ الطفولة حتى كبرنا مسلمات طبعا" مع استثناء القرآن الكريم وما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , واني سائلك هل تظن أو تصدق أن قتادة وعبدا لله بن عباس وغيرهم من صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام والتابعين يختلفون في مفهوم أو تفسير أية كريمة في القرآن الكريم؟
لقد تجرأ أعداء الإسلام حتى جعلوا قراءة بعض كلمات القرآن تختلف من قراءة لأخرى وبنقصان حروف أو تغيير حروف ضحكوا علينا وقالوا قرأها ابن مسعود بدون ألف وقرأها ابن عباس بألف هذا بعد أن اخترعوا لنا قراءات مفتراة للقرآن.
إن آيات القرآن الكريم لا تحتمل أكثر من معنى بل لها معنى واحد وحكاية القرآن حمال أوجه فيها إساءة عظيمة لكتاب الله الكريم.
1- أخي الكريم بالمنطق العلمي ما رأيك لو قابلت نصرانيا" أو يهوديا" أو ملحدا" وأردت أن تعرض عليه الإسلام هل تقدم الإسلام بنسب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؟ أم تقدم له منهج الإسلام ومبادئه الرفيعة؟
وتخيل أنك أردت أن تثبت له نبوة محمد صلى الله عليه وسلم باسمه ونسبه وإذا بذلك الكافر يبهتك ويجعل حججك تطير في الهواء عندما يواجهك بالآية الكريمة التالية :
(( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ [الصف : 6]
ويصفعك قائلا" هذا كتابكم يذكر اسم نبيكم أنه أحمد وليس محمد فكيف تناقض كتابكم .
ستحاول عند الصدمة أن تبين له أن الاسم أحمد يحمل معاني وصفات الاسم محمد لكنه سيسألك إذن لماذا لم يأت نفس الاسم محمد عندها ستضيع كل مفاهيمك وثقافتك وتختلط عليك الأمور لأنك تحتاج أن تقدم ما يقنعه فهو ليس معنيا" إلا بسبب عدم ورود لفظ الاسم محمد حتى يقتنع... يا ترى يا زوووم كيف ستقنعه ؟
2- لن أقل من فمك أدينك بل من فمك أحاورك لقد قلت في أحد ردودك أنك لا بد أن تنظر في دعوة ناصر محمد اليماني الذي يدعي أنه الإمام المهدي حتى تتأكد من صدقه,
ألا ترى أن هفوات اللسان تنطق بقلب الحقيقة ؟ فأنت ستنظر في دعوة الإمام , ودعوته ليست اسمه ونسبه بل مضمونها ومبادئها ومفاهيمها؟
3- هب أن المهدي أيا كان هذا المهدي أراد تقديم رسالته للبشرية فكيف سيخاطب غير المسلمين ويقنعهم بصدق دعوته هل سيثبت لهم نسبه وهل تظن أن غير المسلمين وخاصة تلك الأمم المتقدمة علميا" ستنظر في نسبه أم فيما يحمل من رسالة ومبادئ وقيم وعلم؟ إن تلك الأمم ليست مسلمة أصلا" فلا يهمها نسب أو اسم لصاحب الدعوة, خصوصا" أنها أمم تؤمن بالدليل العلمي والبرهان ولو جئت لها بنسب الإمام حتى سيدنا آدم ما أعاروك أدنى اهتمام إن لم يكونوا ضحكوا وسخروا منك؟
3- أنت كنت مثلا" رائعا" يدحض شكوكك في دعوة الإمام عليه السلام, فعندما سألك الأخوة الأنصار ما هو مستواك العلمي أخبرتهم بشهادتك وتخصصك في العلوم الجنائية ولم تقنعهم بصدق ادعائك حتى عرفت لهم القانون الدولي الجنائي وقدمت لهم تفصيلا" رائعا" استفادوا منه وشكروك عليه....فهل كانتشهادتك التي تحمل اسمك الكريم هي دليل صدق ما ادعيت من مستوى تعليمي لك أم تلك المعلومات والتفاصيل العلمية التي قدمتها عن القانون الجنائي الدولي؟
4- أخي الكريم إذا أردت اصطياد الحق تجرد من كل ما ترسب في عقلك من ثقافة مزروعة كسد منيع تظنها حقائق ومسلمات واقرأ البيانات بتجرد تام واجعل ميزانك عقلك الذي وهبك الله إياه, وتعلم ممن آمن بدعوة الإسلام وهي في مهدها ولم ينزل كل القرآن بعد.... ألم يكن في العرب فرسان وفطاحل ورجال فصاحة في مرحلة بدء الرسالة فكم آمن بها ؟ على الرغم أن هؤلاء الفطاحل والفرسان عرفوا محمد ونسبه وأصله , بل لقد رزح تحت سياط القهر والتعذيب الكثير ممن آمن به إلى درجة الموت تعذيبا" فهل كان الاسم والنسب لنبينا الكريم صلى الله عليه وسلم هو ما أقنعهم ليؤمنوا بدعوته ومن ثم يلاقوا من التعذيب ما لا يحتمله بشر؟
5- كن علميا" كما نظنك وأقسم لك بربي وربك ورب المهدي عليه السلام أنك لن تحتاج أكثر من بيان واحد على الأكثر أو سطرين منه لترى النور.
6- أخي الكريم المهدي أخبرك أنه لم يتعلم في مدرسة أي عالم أو شيخ بل تعلم تعليما" عاديا" كما تعلمنا نحن, تعليما" لا يؤهل الإنسان لتفسير ربع آية, أما سألت نفسك كيف يقدم المهدي تفسيرا" لآيات الله لا يشبهه تفسير, تفسير يخاطب العقل والقلب يخاط شغاف القلوب بعيدا" عن الأرجح والمرجوح والراجح والأحوط ومتاهات الاجتهادات الظنية التي ضاعت عن الحق فأضاعت الأمة, ألا والله الذي لا اله إلا هو إنها لشهادة لناصر محمد اليماني أنه ينهل من نفس المصدر الذي نهل منه جده الأمي صلى الله عليه وسلم.
وامصيبتاه.... كيف لو كنت شهدت بداية الوحي كيف ستؤمن برسول الله ودعوته وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب طالما أن احدى حججك على الامام أنه لم يتعلم على يد عالم مسلم أو يحفظ القرآن ؟ وكم من حافظ للقرآن لا يفهم حرفا" ولا كلمة فيه؟ ألا تشاهد أن في أمتنا عشرات الآلاف من حفاظ القرآن وقارئيه وحفاظ الأحاديث والأسانيد ومع هذا أمتنا هي فيأدنى مستوى بين الأمم وفي قمة ضعفها وهوانها لدرجة وصلت بدولة حقيرة كنقطة على الخارطة يكاد لايعرفها العالم الا علماء الجغرافيا المتخصصين والسياسيين مثل بورما تجرأت على ذبح المسلمين وحرقهم أحياء...فهل هذا يثير التساؤل لديك أننا نتعبد الله كما تعبده رسوله صلى الله عليه وسلم وآل بيته عليهم السلام وصحابته الكرام رضي الله عنهم؟
7- هل تعتقد يا أخي الكريم أن الله سبحانه وتعالى يتركنا لروايات فلان عن فلان عن فلان.... وما الذي يجزم لي بصدق فلان وفلان وفلان؟ وتخيل كم قد ضاع من عمر الأمة ومجهودها في روايات وظنون وراجح ومرجوح وفي النهاية لا تدري بأي رأي تأخذ سوى أن تصبح متدينا" على مذهب معين لتضيع بك السفينة في ظلمات لا قرار لها.
وأظنك قد علمت أن الشيخ الألباني رحمه الله قد قدم في صحيحه في الحديث ما يقارب 6000ستة آلاف حديث موضوع وضعيف, فكيف لو جاء مجتهد بعده كم سيكتشف من الكثير من روايات فلان عن فلان عن فلان كانت كحكايات ألف ليلة وليلة ولم تكن مما قاله نبينا صلى الله عليه وسلم..
أخي من الخطأ أن تحاور وأنت أسير ثقافتك التي تجرعتها ...فبمجرد وردود أي معلومة جديدة امامك يبدأ مخزون ثقافتك يتصدى لها وينكرها لأنك لم تتجرد مما وجدنا عليه أباءنا ((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ [المائدة : 104] ان التاريخ يعيد نفسه نفس الصورة والمشهد مع اختلاف الأشخاص.
أخي الكريم هناك الكثير من هفوات قلمك النابعة من فطرتك السوية في حواراتك والتي تؤكد خطأ منهج تعاطيك مع الحقيقة لكني هنا لست ناقدا" لشخصك الكريم ولا صيادا" لهفوات قلمك بل أنا أخ لك يتمنى لك كل التوفيق والهداية , ويبدو لي انك باحث عن الحقيقة لكنك ترزح تحت سياط ثقافة معوجة تجرعناها جميعا" ومفاهيم مغلوطة ظننا انها حقائق لا تقبل الجدل وأصبح ما يقوله العلماء كأنه قرآن منزل من عند الله وخسرنا عقولنا بعد أن صادرتها تلك الثقافة المكتسبة من رموز اجتهدت بالظن فدخلنا معها في ظن وظنون وراجح ومرجوح وأغلب ما عليه أهل العلم وهلمجرا......
أخي الكريم أود أن ألفت نظرك الى قضية مهمة جوهرية وهي :
انت تعلم أن الله سبحانه وتعالى قد بين لنا في القرآن الكريم تفاصيل الزكاة الحج والصيام والميراث والوضوء وآداب الاستئذان والجهاد فهل تصدق أن الله عزوجل لم يخبرنا بتفاصيل ركعات الصلوات الخمس والتي هي عمود الاسلام والفيصل بين الكفر والاسلام, فكيف يفصل لنا الله آدابا" من تركها لم يكفر ويترك لنا تفصيل عدد ركعات الصلوات وهي أهم وأخطر بل هي قلب الاسلام وروحه؟ هل أجد جوابا"من شخصك الكريم؟
أخي الكريم ان تساؤلاتي ليست للتعجيز بل أدلك على المنهج العقلي الذي تستطيع من خلاله اجتياز كل العقبات باقتدار نحو الحقيقة متحررا" من تبعية المنهج والفكر, وكلما قرأت جديدا" في البيانات اسأل عقلك أولا" كي ينتبه ليجيبك,فقد ميزك الله عن سائر المخلوقات بالعقل وسيحاسبك على هذا التميز.
أخي الكريم ليس مهما" عندي أن ترد على ما طرحته بل ما يهمني أن تحاول تجربة قراءة البيانات بعقل متجرد من كل أغلال التبعية في التفكير والاعتقاد دون تدقيق, وبمنهج حر قوي وهذا يكفيك لمعرفة الحق فأنت بحمد الله تملك ثقافة كبيرة أكبر من تلك الثقافة التي كان تمتلكها خديجة بنت خويلد و بلال بن رباح وسمية وعمار آل ياسر....حيث نلت حظا" من التعليم لم ينالوه, إنما الفارق بينك وبينهم هو في استخدام العقل ونفي الخضوع لمنهج مصادرة العقل, فهم فعلوا عقولهم فامتلكوا أسمى الشهادات المرصعة بنور الهدى وحرية الاختيار وصحة الاعتقاد فانحنت لهم قامات التاريخ والقيم والمبادئ ونالوا التكريم مدى الحياة ويوم الدين رضي الله عنهم أجمعين وأصبحت معاناة اعتقادهم التي واجهوها لذة لا يستشعرها إلا من طبق منهجهم إيمانا" واعتقادا"لذا فهم كنجوم اختفت من مواقعها وما زال ضوءها في سماء الحياة يصافح حدقات العيون والقلوب والعقول.
والله أسأل لنا ولك الهداية والتوفيق